وكذلك الأشجار المثمرة كما في حديث الطبراني أن الرسول e نهى عن قضاء الحاجة تحت الأشجار المثمرة وضفة النهر الجاري كذلك لأن الناس يحتاجون إلى الجلوس تحت الأشجار المثمرة ولأنهم يحتاجون ما يسقط منها فإذا كان تحتها هذا سقط الثمار عليه فتأذى بذلك وحرم الناس فائدتها
وضفة النهر الجاري: حافته الناس يمرون عليه ويقفون عليه يتناولون منه الماء فالبول عليه والتغوط عليه إيذاء لهم
والضفة: بالكسر والفتح في الضاد. هذه الأحاديث والآثار كلها تدل على منع قضاء الحاجة في هذه المواضع. ومن جنس قضاء الحاجة كل ما يؤذي كوضع القمامات أو قشر الفواكه أو الروث أو العظام أو أحجار أو حفر أو ما أشبه ذلك مما يؤذي المؤمنين كله ممنوع. كله داخل في هذا المعنى بجامع الأذى، بجامع التضرر للمسلمين في طريقهم ولهذا قال عليه الصلاة والسلام (الإيمان بضع وسبعون شعبة وأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق فإزالة الأذى عن الطريق من حجر أو شوك وغير ذلك أمر مطلوب ومن شعب الإيمان والتعمد بفعل ذلك في الطرقات أمر منكر لأنه تعمد للأذى للمسلمين
وابن السكن: هو سعيد بن عثمان بن السكن البغدادي الإمام المشهور أبو علي له كتاب مشهور مستخرج سماه الصحيح وهو من أعيان المائة الرابعة مات سنة 353هـ
وابن القطان إمام مشهور وله مؤلفات مشهورة هو علي بن محمد بن عبد الملك الفارسي أبو الحسن القطان له كتاب جيد على الأحكام لعبد الحق الإشبيلي نبه على بعض الأوهام كانت وفاته سنة 628هـ وهو من أعيان المائة السادسة والسابعة رحمه الله.
أعله في رواية عكرمة بن عمار اليماني عن يحيى بن أبي كثير اليماني فإن بعض أئمة الحديث قالوا إن في روايته عن يحيى اضطرابا ولكن عرفت أن حديثنا يعضد وحديث جابر يعضده في النهي عن تحدث الشخصين وهما يقضيان الحاجة وأن الواجب عليهما التستر وعدم التحدث في هذه الحال لأنها حالة سكون وحالة انكسار بين يدي الله وحالة اعتراف بضعف ابن آدم وليس محلا للتحدث بل هو محل التفكير والنظر في نعم الله على العبد كونه يسر له قضاء حاجته بعد ما يسر له الأكل والشرب والانتفاع بما أعطاه الله من النعم ثم يسر الله له قضاء الحاجة فهي حالة تفكير ونظر فيما أنعم الله على العبد وما من عليه بهذا الشيء الذي هو إخراج الأذى منه بعد أن من الله بالأكل والشرب ومنفعة الأكل والشرب ثم من عليه بإخراج هذا الأذى عنه وليست محلا للتحدث ثم التستر أمر لازم ولا يجوز إبداء العورات.
ولحديث جابر شاهد عن أبي سعيد وفي إسناده أيضا ضعف فالحديثان وما جاء في معناهما يدلان على أنه ينبغي للمؤمن إذا أتى الغائط أن يستتر بل يجب عليه ذلك حتى لا ترى عورته وأن لا يتحدث مع أخيه في هذه الحالة وهذا الحديث المعتاد إما إذا عرضت حاجة غير الحديث المعتاد فالظاهر أنه غير داخل في هذا فيرد على خطر الكفيف أو حية أو عقرب أو شبه ذلك مما قد يحتاج الإنسان إلى التنبيه عليه وهذا غير داخل في التحدث المعتاد.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
سبق أن النبي صلى الله عيه وسلم بعثه الله بمكارم الأخلاق ومحاسن العادات وبعثه بالآداب الشرعية في كل شيء فهذه الشريعة العظيمة شريعة الإسلام قد جاءت بالآداب الصالحة والأخلاق الفاضلة في كل شيء فيما يتعلق بالعبادات وفيما يتعلق بالمعاملات وفيما يتعلق بالأحوال الشخصية من طلاق ونكاح وعدة وغير ذلك فهي جاءت بكل خير وحذرت من كل شر. فلا خير إلا دل عليه الرسول صلى الله عيه وسلم وأرشد إليه ولا شر إلا حذر منه وأبانه للأمة ليجتنبوه ومن ذلك ما يتعلق بآداب قضاء الحاجة وقد سبق في ذلك أحاديث منها هذه الأحاديث.
الحديث الثاني بعد المائة: وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عيه وسلم
(لا يمسن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه ولا يتنفس في الإناء) متفق عليه. واللفظ لمسلم
...
أبو قتادة: هو الحارث بن ربعي الأنصاري أحد الفرسان المعروفين الشجعان من الصحابة رضوان الله عليهم.
¥