عن النبي e أنه قال: لا يمسن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه ولا يتنفس في الإناء هذا الحديث اشتمل على آداب صالحة في قضاء الحاجة وفي الشرب فلا ينبغي للمؤمن أن يمسك ذكره بيمينه عند البول ولا يتمسح بها عند الخلاء بل اليمين كما جاء في النصوص تكون للأشياء الفاضلة والأشياء المقصودة كالأكل والشرب والمصافحة والأخذ والإعطاء ونحو ذلك من الأمور التي تكون باليمين فلا يليق أن يمسك بها الذكر لأنه قد يصيبها شيء من بول فنزهت عن هذا وصار اليسار لهذا، لإمساك ذكره والتمسح للخلاء والاستجمار والاستنجاء تكون باليسار فعل الأذى، واليمين للشيء الفاضل والمقصود، وهذا من كمالات الشريعة وآدابها
ولا يتنفس في الإناء: السنة أن لا يتنفس في الإناء لما في هذا من المصلحة لأن التنفس في الإناء قد يفضي إلى أن يشرق بالماء ويتأذى بذلك وقد يفضي إلى أن يخرج منه شيء في الماء مما لا ينبغي ولا يحسن. وقد يكون أناس منه يشربون بعده فيتكدر بذلك الشيء فالسنة أن يبعد الإناء عن فمه والسنة أن يتنفس ثلاثا، كما جاء في الأحاديث الصحيحة فهو أهنأ وامرأ كما قاله عليه الصلاة والسلام.
وينبغي أن يفصله عن فمه ويبعده عن فمه عند التنفس عملا بهذه السنة العظيمة والأصل في النهي التحريم هذا هو الأصل وإن كان معروفا لدى أهل العلم ذكر هذا في الآداب الشرعية و المستحبات ولكن الأصل كما لا يخفى أن النهي للتحريم والمنع فينبغي للمؤمن أن يتأدب بهذه الآداب وأن لا يتساهل فيها لأن الرسول صلى الله عيه وسلم نهى عنها وقال ما نهيتكم عنه فاجتنبوه والله تعالى يقول (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) فعلى المؤمن أن ينتهي عما نهى عنه الرسول صلى الله عيه وسلم هذه من الآداب العظيمة النافعة
...
الحديث الثالث بعد المائة: وعن سلمان رضي الله عنه قال: لقد نهانا رسول الله صلى الله عيه وسلم (أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار أو أن نستنجي برجيع أو عظم) رواه مسلم
سلمان الفارسي أبو عبد الله المعروف الذي جاهد في جاهليته وحرص على اللقاء بمحمد e حتى يسر الله له ما أراد ومرت به أحوال حتى وصل إلى المدينة قبل أن يهاجر النبي e ثم هاجر النبي e وهو عند اليهود فأسلم وأنقذه الله من اليهود كاتب مالكه فخلصه الله منه
قال لقد نهانا رسول الله صلى الله عيه وسلم (أن نستقبل القبلة بغائط أو بول أو أن نستنجي باليمين)
في بداية هذا الحديث أن بعض اليهود قال لسلمان رضي الله عنه علمكم نبيكم صلى الله عيه وسلم كل شيء حتى الخراءة يعني حتى آداب التخلي فقال سلمان نعم مجيبا له نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول ........ الخ.
هذه كلها من الآداب علمنا إياها فيما يتعلق بالتخلي وقضاء الحاجة هذه الأشياء الستة بينها سلمان وعلمها النبي صلى الله عيه وسلم
1 - النهي عن استقبال القبلة بغائط أو بول 2 - والنهي عن الاستنجاء باليمين 3 - عدم الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار 4 - النهي عن الاستنجاء برجيع أو عظم.
هذه ستة أشياء من الآداب الشرعية ينبغي للمؤمن أن يلتزمها:
أولا: عدم استقبال القبلة لا بغائط ولا وبول بل ينحرف عنها جهة الشمال والجنوب يشرق أو يغرب إذا كان في جهة المشرق أو المغرب يشمل أو يجنب حتى لا يستقبلها لا بغائط ولا ببول هذا في الصحراء لا إشكال فيه. أما في البناء اختلفوا فيه: ـ فقال بعض أهل العلم: أنه ليس بينهما فارق لأن الأحاديث عامة مثل حديث سلمان وحديث أبي أيوب. وما جاء في معناهما أحاديث عامة مثل حديث أبي هريرة رضي الله عنه كلها عامة فتشمل البناء والصحراء.
وقال آخرون بل يجوز استقبالها في البناء حيث تكون سترة واحتجوا بما في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وكان يليق بالمؤلف أن يذكره هنا. كما ذكره صاحب العمدة ليعلمه القراء وحتى يعلموا الجواب عنه عند من لا يعمل به وهو أنه قال: رقيت يوما على بيت حفصة فرأيت النبي صلى الله عيه وسلم يقضي حاجته بين لبنتين مستقبل الشام مستدبر الكعبة قالوا: هذا يدل على جوازه في البناء وفعل النبي صلى الله عيه وسلم يفسر أقواله. ويبين مراده عليه الصلاة والسلام هذه القاعدة إذا نهى عن شيء ثم فعل خلافه دل على أن النهي ليس
¥