تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقالت لها عائشة أف لك على معنى الإنكار لقولها والإغلاظ عليها لما أخبرت به عن النساء قالت وهل ترى ذلك المرأة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم تربت يمينك قال عيسى بن دينار ما أراه يريد بذلك إلا خيرا وما الإتراب إلا الغنى فرأى أن ترب ليس من الإتراب بسبيل وإنما هو من التراب وقال ابن نافع معناه أضعف عقلك أتجهلين هذا وقد قيل أن معناه افتقرت يداك من العلم ومعناه على هذا والله أعلم إذ جهلت مثل هذا فقد قل حظك من العلم وهو معنى قول ابن كيسان وقال الأصمعي معناه الحض على تعلم مثل هذا كما تقول انج ثكلتك أمك لا يريد أن تثكل وقال أبو عمر معنى تربت يداك أصابها التراب ولم يدع عليها بالفقر وقال الداودي وقد قال قوم أنه تربت بالتاء يريد استغنت من التراب الذي هو الثبج وقال هي لغة القبط صيروا التاء ثاء حتى جرى على ألسنة العرب كما أبدلوا من التاء فاء والأظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم خاطبها على عادة العرب في تخاطبها وهم يستعلمون هذه اللفظة عند الإنكار لمن لا يريدون فقره وإن كان معناها افتقرت يداك يقال ترب فلان إذا افتقر فلصق بالتراب وأترب إذا استغنى صار ماله كالتراب كثرة ويحتمل أن يفعل ذلك بعائشة على وجه التأديب لها لإنكارها ما أقر عليه وهو لا يقر إلا على الصواب وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال اللهم فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة فلا يمتنع على هذه الأقوال أن يقول ذلك لها النبي صلى الله عليه وسلم لتؤجر وليكفر بها ما قالته لأم سليم وروى حبيب عن مالك تربت بمعنى خسرت وهو بمعنى ما قدمناه وقيل معناه امتلأت ترابا والله أعلم

وفي سنن أبي داود:

عن المغيرة بن شعبة قال

ضفت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فأمر بجنب فشوي وأخذ الشفرة فجعل يحز لي بها منه قال فجاء بلال فآذنه بالصلاة قال فألقى الشفرة وقال ما له تربت يداه وقام يصل ..

قال صاحب عون المعبود:

(ما له)

: لبلال قد عجل ولم ينتظر إلى أن أفرغ من أكل طعامي

(تربت يداه)

: قال الجوهري ترب الشيء بكسر الراء أصابه التراب , ومنه ترب الرجل افتقر كأنه لصق بالتراب , يقال تربت يداك وهو على الدعاء أي لا أصبت خيرا انتهى. وقال الخطابي في المعالم: تربت يداه كلمة تقولها العرب عند اللوم ومعناها الدعاء عليه بالفقر والعدم , وقد يطلقونها في " كلامهم " وهم لا يريدون وقوع الأمر كما قالوا عقرى حلقى فإن هذا الباب لما كثر في كلامهم وأدام استعماله في مجاري استعمالهم صار عندهم بمعنى اللغو , وذلك من لغو اليمين الذي لا اعتبار به ولا كفارة فيه , ومثل هذا قوله صلى الله عليه وسلم " فعليك بذات الدين تربت يداك.

والله تعالى أعلم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير