تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعلى الرغم من كون ابن الفرضي محدثاً وناقداً ([467])، ومهتماً بمصادره ومن يأخذ عنه، فإنه كان أحياناً يأخذ من المجاهيل ويذكر بعض الرؤى والحكايات التي قد يبدو الضعف عليها سنداً أو متناً، فمن أمثلة أخذه من المجاهيل قوله: أخبرنا إسماعيل قال: نا خالد قال: حدثنا بن البابا والأعناقي قال: نا أبان بن عيسى بن دينار عن أبيه قال: قال لي عامر: قال مالك: (قل هو الله أحد) من المعوذات، قال: الأعناقي: عامر هذا كان عندنا معلماً بقرطبة روى عنه عيسى بن دينار ([468])، وقوله: كان معلماً يشعر بأنه معلم والمعلم هو معلم الصبيان، كما أن هذا الراوي مجهول النسب غير معروف بحمل العلم وروايته، كما أنه ليس من المعروفين بالرواية عن مالك ابن أنس -رحمه الله - حيث ترجم له ابن الفرضي بقوله: عامر المعلم من أهل قرطبة ([469]) ولم يزد على، وهذا يدل على أنه يأخذ عن المجاهيل غير المعروفين بالرواية والنقل.

كما روى بعض الحكايات والرؤى عن بعض من ترجم لهم فمن الرؤى ما رواه عبد الله بن محمد بن علي القيسى (أخبرنا عبد الله بن محمد بن علي قال: نا أحمد بن خالد قال: ذكر لنا ابن وضاح عن أبي محمد الخشاب السرقسطي صاحبه، وكان نعم الرجل مؤتمناً على ما يقول أنه رأى في منامه النبي ش يمشي في طريق، وأبو بكر خلفه وعمر خلف أبي بكر، ومالك ابن أنس خلف عمر، وسحنون خلف مالك، قال ابن وضاح: فذكرته لسحنون فسر بذلك) ([470]).

كذلك من الرؤى ما ذكره ميكايل بن هارون الباهلي (أخبرني سهل بن إبراهيم قال: حدثني أبي قال: حدثني رجل سماه كان قيماً في المسجد الجامع باستجة قال: كنت جالساً في مجلس ميكايل بن هارون إذ وقف علينا رجل فقال: أيكم مكايل بن هارون فأشرنا له إليه، فقال: أتاني الليلة آت في منامي فقال لي بشر مكايل بن هارون بالجنة، أو قال: قل لمكايل أنه من أهل الجنة) ([471]).

أما الحكايات فمنها ما رواه عن أبي العجنس: (قرأت بخط محمد بن أحمد الذهري الزاهد: قال لنا محمد بن وضاح: كان أبو العجنس رجل يسكن غدير بني ثعلبة يقال: إنه كانت له في رمضان ثلاث أكلات: من سبعة أيام إلى سبعة أيام، ثم أكلة الفطر، وهو الذي مر به الحكم بن هشام، فسلم عليه وأشار بالخيزران -: وكان على سقف له يبنى - فرد عليه أبو العجنس وأشار بالأطر له، فكلم بذلك فقال: أشار إلي بالخيزران فأشرت إليه بالاطرلة) ([472]).

ويبدو أن الكم الهائل من المادة العلمية التي جمعها، بالإضافة إلى تناثر جزئياتها، وكثرة تفصيلاتها الدقيقة، مع تعدد موارده ومصادره، واتساع إطارها الزماني جعلته أحياناً يفقد حاسته التاريخية مما أوقعه في بعض الأخطاء العلمية أو التناقض فيما يذكره من معلومات أو أخبار، فمن الأخطاء التاريخية قوله: ((وأخبرنا محمد بن أحمد بن يحيى قال: محمد بن محمد بن معروف النيسابوري قال: نا عبد الرحمن بن الفضل الفارسي قال: نا محمد بن إسماعيل البخاري قال: نا يحيى بن بكير عن الليث قال: وفي سنة اثنتين وعشرين ومائة قتل عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي أمير الأندلس)) ([473])، وهو بهذا القول الذي رواه بإسناده عن البخاري يناقض نفسه حيث ذكر حين ترجمته لعبد الرحمن الغافقي إنه توفي سنة خمس عشرة ومائة ([474])، كما يخالف إجماع المؤرخين المسلمين الذين ذكروا أن وفاته كانت في أعقاب هزيمة المسلمين في معركة بلاط الشهداء سنة 114هـ ([475]).

كما ذكر أن وفاة عبد الملك ابن قطن سنة خمس وعشرين ومائة ([476])، وهذا التحديد غير متفق مع ما ذكره المؤرخون من أن وفاة هذا الوالي كانت في ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين ومائة كما ذكره ابن عذاري ([477])، وابن الأثير ([478])، والمقري ([479]).

ولم تكن هذه التجاوزات والأخطاء قاصرة على تحديد سني الوفيات، بل تجاوزتها إلى بعض الأحداث التاريخية المشهورة ومنها قوله عن نهاية عبد العزيز بن موسى ابن نصير:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير