390 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ r قَالَ: {وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْتَطَبَ, ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا, ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ اَلنَّاسَ, ثُمَّ أُخَالِفُ إِلَى رِجَالٍ لَا يَشْهَدُونَ اَلصَّلَاةَ, فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ, وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ اَلْعِشَاءَ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ. ().
(الشرح):
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي r قال: والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب ثم أمر بالصلاة فيؤذن لها ثم أمر رجلاً فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقاًَ سميناً أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء ".
هذا الحديث متفق عليه.
قال البخاري رحمه الله حدثنا عبدالله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به.
وقال مسلم حدثنا عمر الناقد قال أخبرنا سفيان وهو ابن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي r به.
شرح الحديث:
قوله " لقد هممت ":
الهم نوعان نوع يقترن معه الإرادة فهذا ينزل منزلة الفعل، ونوع لا يقترن معه الإرادة.
قوله: " أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجالاً فيجمعون لي حزم من حطب ":
في هذا دليل على جواز تأخير صلاة الجماعة بعذر من الأعذار كمراقبة المتخلفين فهذا الحديث يصلح حجة للمحتسبين من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر لتخلفهم عن صلاة الجماعة في المساجد لمراقبة المتخلفين عن الصلوات فإن النبي r هم بالذهاب إلى المتخلفين وترك الصلاة بجماعة المسلمين وذلك لتحصيل مصلحة كبرى وليس ثم مفسدة في تأخير الصلاة عن أول وقتها.
وفي الحديث دليل أيضاً على أن هذا الفعل ليس خاصاً بإمام المسجد لأن النبي r سوف يذهب معه بأقوام يحملون الحطب ويساعدونه على قمع المتخلفين.
وقوله " لا يشهدون الصلاة":
المراد مع جماعة المسلمين وإلا فقد يصلون في بيوتهم ولكن الصلاة في البيوت من فعل المنافقين، وهذا الحديث من أقوى الأدلة على إيجاب صلاة الجماعة في المساجد وإلى هذا ذهب عامة الصحابة فلم يروى ولله الحمد عن صحابي قط أنه رخص في التخلف عن صلاة الجماعة من دون عذر بل الآثار عنهم متواترة بإيجاب صلاة الجماعة بالمساجد ورمي من تخلف عنها بالنفاق -وأي نفاق- ظاهر كلامهم النفاق الإعتقادي المخرج من الإسلام من هذا ما رواه الإمام مسلم في صحيحه من طريق علي بن الأقمر عن أبي الأحوص عن عبدالله بن مسعود قال: لقد رأيتنا (أي معشر الصحابة هذه حكاية لإجماعهم) وما يتخلف عنها (يعني صلاة الجماعة) إلا منافق معلوم النفاق".
وروى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن الأصم قال حدثنا يزيد بن الأصم عن أبي هريرة قال أتى النبي r رجل أعمى فقال يا رسول الله ليس لي قائد يقودني أتجد لي رخصة أن أصلي في بيتي فقال النبي r نعم فلما ولى قال تسمع النداء قال نعم قال فاجب فإني لا أجد لك رخصة ".
وقد جاء في مسند الإمام أحمد رحمه الله وغيره " جاء رجل أعمى فقال يا رسول الله إن بيني وبينك هذا الوادي وهو كثير الهوام والسباع وليس لي قائد يلائمني فهل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي قال نعم فلما ولى قال تسمع النداء قال نعم قال فأجب ".
إذا كان هذا الأعمى ليس له قائد يلائمه ويقوده إلى المسجد لم يجد له رسول الله رخصة بالتخلف عن جماعة المسجد فما بالك الصحيح ماذا عذره عند الله عز وجل وقد رقد في فراشه حتى تطلع الشمس لا عذر له سوى التوغل في النفاق ولا عذر له سوى الخبث الباطني كيف يتخلف عن صلاة قد هم الرسول r في تحريق بيوت من تخلف عنها كيف يتخلف عن شعيرة من أعظم شعائر الإسلام الظاهرة كيف يتخلف عن الصلاة وقد جعل الرسول r التخلف عنها علامة على النفاق " أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما من الأجر لأتوهما ولو حبوا" (أي زحفاً على الركب) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وسوف يأتي أيضاً حديث ابن عباس " من سمع النداء فليجب ومن لم يجب فلا صلاة له ".
¥