تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

398 - وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: {صَلَّى مُعَاذٌ بِأَصْحَابِهِ اَلْعِشَاءَ, فَطَوَّلَ عَلَيْهِمْ, فَقَالَ اَلنَّبِيُّ r " أَتُرِيدُ أَنْ تَكُونَ يَا مُعَاذُ فَتَّانًا? إِذَا أَمَمْتَ اَلنَّاسَ فَاقْرَأْ: بِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا, وَ: سَبِّحْ اِسْمَ رَبِّكَ اَلْأَعْلَى, وَ: اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ, وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى".} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ. ().

(الشرح):

وعن جابر رضي الله عنهما قال صلى معاذ بأصحابه العشاء فطول عليهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أتريد أن تكون يا معاذ فتاناً إذا أممت الناس فاقرأ بالشمس وضحاها وسبح اسم ربك الأعلى واقرأ باسم ربك والليل إذا يغشى ".

هذا الخبر متفق عليه إلا أن السياق للإمام مسلم قال مسلم رحمه الله حدثنا قتيبة بن سعيد أخبرنا الليث بن سعد _ح_ وحدثنا ابن رمح حدثنا الليث عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله فذكره.

وقال البخاري رحمه الله حدثنا مسلم قال أخبرنا شعبة عن عمرو عن جابر بن عبدالله فذكره بمعناه. ورواه مسلم بنحو سياق البخاري.

قوله "صلى معاذ بأصحابه ":

معاذ كان يصلي مع النبي r الفريضة ثم يذهب الى أصحابه فيصلي لهم وهذا الأمر لا بد أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد أطلع عليه أولاً علماً أنه أطلع عليه ثانياً ولم ينكر عليه وفي هذا فوائد:

1 - جواز اقتداء المفترض بالمتنفل لان معاذاً كان يصلي فرضه مع النبي فتكون الثانية له نفلاً وأصحابه يصلون فرضهم.

2 - جواز تأخير صلاة المغرب لانه جاء في بعض طرق الحديث أنها صلاة المغرب وفي هذا الاستدلال نظر لان أكثر الطرق وأصحها مصرحة بأن الصلاة هي صلاة العشاء لا المغرب.

3 - جواز اعتزال الإمام إذا شق على المأمومين لان بعض من صلى مع معاذ اعتزلهم ولم ينكر النبي r فلو كان فعله غلطاً لبين لهم النبي r وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.

4 - أن معاذاً أطلق النفاق على هذا الرجل ففيه دليل على جواز إطلاق النفاق على من فعل في الظاهر علامة من علامات المنافقين إلا أنه ينبغي مراعاة الإنصاف عند الإطلاق والاتصاف بالِإخلاص لان الهوى قد يختلج الإنسان فيطلق النفاق على من لا يستحق ذلك فيبؤ بها دون أخيه.

وفي الحديث حرص معاذ على أداء الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد احتج بهذا الحديث بعض أهل العلم على جواز تتبع المساجد لان معاذاً كان يتتبع الصلاة خلف النبي صلى الله عليه وسلم ولو قال هذا القائل بأن تتبع الصلاة خلف المتقين لكان أولى لأن الناس في هذا الزمان لا يتتبعون الصلاة خلف المتقين وإنما يتتبعون الأصوات وفرق بين من يتتبع الصلاة خلف المتقين وبين من يتلذذ بأصوات القراء ولو كانوا فساقاً.

وقد روى الطبراني في المعجم الكبير بسند جيد من طريق ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ليصلي أحدكم في مسجده ولا يتتبع المساجد " وهذا في الدلالة أقوى من حديث معاذ، ولم يعلم أحد من الصحابة أنه كان يتتبع المساجد من أجل حسن الصوت ومعاذ رضي الله عنه فعل هذا مع إمام المتقين وسيد الأولين والآخرين ولو كان الصحابة يتتبعون الأصوات لصلوا خلف أبي وخلف أبي موسى لمن شهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأنهم قد أوتوا مزماراً من مزامير آل داود.

قوله " أتريد أن تكون فتاناً ":

فيه إنكار المنكر بالحال لان معاذ حين شكاه أحد المأمومين إلى الرسول أنكر عليه وفيه رفع القضايا إلى إمام المسلمين لحسم المنازعات.

وفيه النهي عن تطويل القراءة على المأمومين لأن معاذ كان أولاً يتأخر بالصلاة ويطيل القراءة ثانياً، فشق ذلك عليهم وقد أحتج بهذا الحديث المطففون والله يقول " فويل للمطففين ".

الذين ينقرون الصلاة كنقر الغراب فيخلون بالقراءة والركوع السجود محتجين يقول الرسول لمعاذ أفتاناً أفتاناً أفتاناً ولا حجة لهم بهذا لأن من تتبع سياق الحديث تبين له الحق:

أولاً: أن معاذ كان يتأخر في وقت الصلاة على أصحابه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير