أما فقه أحمد فليس في "المحلى" منه إلا قضايا محدودة، ومسائل محسوبة >>.
قال: >.
قلت: وفي "المحلى" من فقه النساء شيء كثير في سائر الأبواب وقد لاحظت ملاحظة لم أقرأها في كتاب ذكرها قبلي - والله أعلم- أنه ما من مسألة اختلف فيها الفقهاء بين مشدد على المرأة وميسّر فإن ابن حزم يسلك سبيل التيسير، وعنده أن المرأة في الأحكام كالرجل إلا ما خصّه الدليل.
وهذه الملاحظة على سبيل الإجمال والأغلبية.
ويمكن أن أقول: إن العديد من المسائل التي يذكرها الكثير من المعاصرين المسلمين من العلماء والدعاة في حقوق المرأة والنص على التشديد عليها والعلاقة بينها وبين الرجل ومدى صلاحيتها، فإن لابن حزم في ذلك قصب السبق وكلامه فيه متين.
ولست صاحب هوى - إن شاء الله تعالى- لكن العديد من اختيارات ابن حزم أجدها قوية الحجة واضحة الدليل في هذا الباب. والله الموفق والهادي.
وأنظر إلى كثير من الفقهاء، خاصة المتأخرين منهم، فإنهم يلمح من كلامهم استنقاص المرأة والتحجير عليها مرة بحجة قصورها وأخرى بحجة سد الذرائع، وهذا ما لم أجده عند ابن حزم، بل الصالحات منهن عنده صالحات والفاسدات بحسب فسادهن، مثلهن في ذلك مثل الرجال. والله المؤيد.
3 - الحديث رواية ودراية عند المحلى
اتفق المترجمون لابن حزم أنه كان واسع الرواية جداً، حتى إنهم قارنوه بابن جرير الطبري في سعة محفوظه.
وفي "المحلى" من رواية ابن حزم المسندة شيء كثير في كل أبواب العلم، إلا أنها في المجلدات الأولى تكاد تكون أكثر، ولعله حصل له نوع ملل بعد ذلك من تطويل الإسناد في كل مرة، مع أنه ذكره في كتابه "الإيصال" كما بينت لك آنفاً.
هذا وقد خدم شيخنا الجد، أمتع الله به، هذا الإمام خدمة جليلة بأن جمع له " مسنده" مجرداً من "المحلى"، وأسأل الله تعالى أن ييسر له طبعه بمنه وكرمه. قال، سلمه الله:
>.
ثم قال: >.
قلت: الأئمة الأربعة الذين ذكرهم جدي هم: بقي بن مخلد وقاسم بن أصبغ وأحمد بن خالد ومحمد بن أيمن وكلهم أندلسيون، وغلبت عليهم السنة والآثار، وأوذي بعضهم لأجل شيء من ذلك.
ثم قال جدي: >>.
قلت: إلا أن ابن حزم سريع إلى تضعيف الأحاديث، كأنه ظاهري في ذلك أيضاً، وله حكم على الرجال يخالفه فيه الأئمة. وقد جمع شيئاً من ذلك الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" وانتقده وبين خطأه.
قال الحافظ أبو عبد الله بن عبد الهادي (ت 744 هـ): .
و" المحلى" مليء بالأحاديث المتواترة لأنها عند ابن حزم ما رواه اثنان فأكثر يستحيل عادة تواطؤهم على الكذب.
قال الجد: >.
ثم بين، حفظه الله، أن أهل العلم مشرقاً ومغرباً اعتمدوا متواتر ابن حزم لكن قال إن الوصول إلى حديث واحد منها عزيز المنال، إذ يحتاج إلى مطالعة جزء كامل أو أقل أو أكثر.
¥