يجوز الأكل من بيت الصديق في حال غيبته قال تعالى: {أو صديقكم} [الآية: 61 - النور]. وجواز الاكل مخصوص بحالة العلم بالرضى وعند الشك في الرضى يحرم وكذا الحكم في غير الصديق ونقل النووي في شرح مسلم الاجماع على امتناع أخذ الدراهم عند العلم بالرضا ثم قال وفيه نظر وينبغي جواز الاخذ عند العلم كما يجوز الأكل. ولا شك أن اباحة مال الغير على خلاف الأصل والآية إنما وردت في الاكل رخصة فلا قياس عليه غيره لأن شرط القياس ألا يكون المقيس عليه شاذا عن الأصول وينبغي التنبوء ها هنا لأمر وهو أن أخذ الدراهم له صورتان الصورة الاولى أن لا يرضى صاحبها بأخذها مجانا ويرضى بأن يأخذها ويردها أو يرد بدلها على نية القرض وهذا ينبغي أن يكون هو المراد بالاجماع عليه لأن أخذها على نية القرض معاوضة وشرطها أن تكون بعقد والعقد لا يكون من شخص واحد والمعاوضة الفاسدة يكون على المأخوذ بها حرام فتحريم الأخذ لفساد المعاوضة لا لعدم الرضى كما نقول في البيع الفاسد يحرم التصرف في المأخوذ به وإن كان الرضى موجود الثانية أن يقوم عنده دليل على جواز رضى الأخذ من غير بدل فهذا نظر فقد يقال يجوز كالطعام وقد يقال بامتناعه لأن الغالب عدم الرضى بأخذ الأموال ولهذا تصان ويختم عليها بخلاف الطعام ولا نظر إلى شذوذ بعض الاحوال لأن أحكام الشرع إنما تبنى على الغالب فظهر أن القياس الذي قاله النووي قياس خفي لا يصح الإلحاق فيه لقيام الفارق الجلي.
وَأن مَلَكتَ طَعامَ الفَضلِ فادعُ لَهُ ** جَمعاً مِنَ القَومِ لا تَمنعهُ مِن بُخلٍ
لا تَقبِضِ اليَدَ عَن مَعروفٍ ما وَجدَتَ ** وَعودُ البَسطِ ما عَوَدتَ مِن شَلَلِ
إِنَّ البَخيلَ لِيةٌ وَفي السَماءِ فَكُن ** عَن وَضعِهِ نائِياً تَرقى إِلى نُزلِ
طعام الفضل هو الفاضل عن كفايته وكفاية عياله وقوله وعود البسط ما عودت من شلل يعني عود يدك البسط في المعروف ولا تجعلها مغلولة كاليد الشلل التي لا يعطى بها شيء لتعطيل منفعتها فهي شلا عن فعل الخير كما أن اليد الشلا مغلولة عن التصرف حسا فعودها البسط في المعروف كما عودتها القبض لأن اليد كلما قبضت كانت شلا عن فعل الخير كما أن اليد الشلا مغلولة عن التصرف حسا فعودها البسط في المعروف كما عودتها القبض لأن اليد كلما قبضت كانت شلا عن فعل الخير والبخيل هو الذي يمنع الزكاة ولا يقري الضيف ويسمى في السماء يتيما وبخيلا أيضا.
قوله فكن عن وضعه نائيا أي بعديا والناي البعيد والنزل مرة يستعلم في الطعام المعد للضيف ومرة في ازادة المنزلة ومن قوله تعالى: {إِنَّ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلوا الصالِحاتِ كانَت لَهُم جَناتُ الفِردَوسِ نُزلاً} [الآية 107 - الكهف].
وَإِن دَعوتَ ضيوفاً فاتَخِذ لَهُموا ** قَدرَ الكِفايَةِ أو فاترُكهُ وَأنسلِ
إذا كان الطعام قليلا والضيوف كثيرة قال الغزالي الأولى ترك الدعوة لأنه ربما توقعهم في الخوض فيه وهذا لعلة محمولة على من كان واجدا للزيادة فتركها بخلا أما الذي لا يجد إلا ما قدمه فلا ينبغي الترك وعلى هذا يحمل قوله صلى الله عليه وسلم: (من استقل حرم) وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تحقرن جارة لجارتها
وَأن طَبَختَ فاكثِر مِن مَريقَتِها ** وَأَعطِف عَلى الجارِ أو فادعوهُ لِلأكلِ
فَفي الصَحيحِ طَعامُ اِثنَينِ أربَعةٍ ** يِكفي وفي واحِدٍ يَكفيهِ مَعَ رَجلٍ
وَأربَع لِثمانٍ أَن يَضَع أَكلاً ** لا تَغلِق البابَ وَادعو دَعوَةَ الجُعلا
ينبغي للآكل إذا وضع طعاما فيه فضل أن يدعو الناس للأكل فلعله يصادف صالحا يأكل من طعامه فيغفر له بسببه ويقال دعوة الجعلا إذا كانت الدعوة عامة ودعوة النقرى إذا كانت الدعوة خاصة قال طرفة: وَنَحنُ في الشِتاءِ نَدعو الجُعلا لا تًرى الأَدبَ فينا يَنتَقِرِ وصف قبيلته بغاية الكرم لأن زمن الشتاء وقت ضيق ومع ذلك يدعون الناس دعوة الجعلافَقُدرَةُ اللَهِ خَلقُ الرَي مَعَ شَبَعٍ ** لا بِالطَعامِ وَشُربِ العَل وَالنَهلِ
مذهب أهل السنة أن الشبع هو الذي لا يحصل بنفس الأكل والري بل يخلق الله الشبع عند الاكل ولهذا تجد من الناس من يأكل ولا يشبع والشرب الأول يسمى نهلا بفتح النون والهاء والشرب الثاني يسمى عللا
كانَ الخَليلُ أبونا عِندَ خَلقِهِ ** يَمشي إِلى المَيلِ يَدعو الضَيفَ للِلأكلِ
¥