قال الغزالي في [الاحياء] إدخال الطعام على الطعام أنه يكره من جهة الطب إذا شرب على ما أكله أولا فأما قبل الشرب فله أن يأكل ما شاء ولا يضره ذلك فإن شرب فليصبر إلى هضم الطعام الأول ويكسره التنفس في الآنا ونفخ الطعام ليبرد فإذا كان الطعام حارا صبر حتى يبرد وإذا أتي بكوز فلينظر إلى حلقه قبل الشرب فقد يكون فيه شيء يؤذيه ويستحب تنحية رأسه عن الكوز عند إرادة التنفس ولا يتنفس داخل الكوز ولا ينفخ في الماء وإذا شرب فليقلل من الشرب وليشرب قليلا قليلاً قال بعضهم اتفق سبعون حكيما على أن كثرة النوم من شرب الماء.
وَلا تُكن نافِخاً لِتَسلَخَها ** فَعَن عَليَّ رَووا النَهي فامتَثِلِ
وَأن تَكُن جازِراً فامنَعهُ عادَتُهُ ** كَما نَهاه الرِضى فازجُر وَلا تَهِلِ
نقل الحليمي هذا في المنهاج عن علي رضي الله عنه أنه رأى اللحم كالطعام فكره نفخه ونهى القصابين عن نفخ الشاة قبل السلخ والجازر هو القصاب بالصاد المهملة وبالباء الموحدة في آخره
وَثُلُثُ الشُربِ أَنفاساً وَسَمِ ** عَلى كُلِ الثَلاثِ لِتحوي زاكيَ العَمَلِ
لا تَكثُرِ الشُربَ في وَسَطِ الطَعامِ سِوى ** إِن كُنتَ في غَصَةٍ فاشرِ بِهِ لِلبُلَلِ
أو كُنتَ ظَمآنَ صالِ فالتَمسهُ ** فَقَد نَصُ الأطبا عَلى نَفي بِلا عُلَلِ
وَشُربُكَ الماءُ مُصاً فِعلُهُ حَسنٌ ** داءُ الكِبادِ رَووا مِن عَلى مُنتَهِل
يستحب شرب الماء على ثلاثة انفاس
يستحب شرب الماء على ثلاثة انفاس يسمي الله في كل نفس ويحمده في آخره قال الغزالي رحمه الله تقول في آخر الأول الحمد لله وفي آخر الثاني الحمد لله رب العالمين وآخر الثالث الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وإذا كان في أثناء الأكل فينبغي له ترك الشرب إلا أن يغص بلقمة فيشربه للحاجة قال الغزالي في الأحياء إذا صدف عطشه فإنه يستحب له الشرب من جهة الطب قال يقال إنه دباغ إذا صدف عطشه فإنه يستحب له الشرب من جهة الطب قال يقال أنه دباغ المعدة وإذا شرب الماء مصه لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَصّوا الماء مصاً وَلا تَعُبوه عباً فإن الكباد من العب) والكُباد بضم الكاف وفتح الباء الموحدة قيل وجع الكبد والمنتهل الشارب وهو الشرب الأول ويستحب عب اللبن لأنه طعام وفي الحديث (إن كان شيء يغني عن الطعام والشراب فهو اللبن) والعرب تجتزي عن الطعام والشراب باللبن.
وَالتَمرُ وَالماءُ قالوا الاسودان هُما ** فاقصِد إلى حِفظِ ما قَد جاءَ في المَثلِ
وَالابيَضانِ فَقالوا التَمرُ مَعَ لَبَن ** فَقَلَبوا واحِداً كَالعَصرِ في الأَصلِ
العرب تقول التمر والماء الاسودان واللبن والتمر الابيضان غلبوا التمر على الماء واللبن على التمر كما غلبوا العصر على الظهر فقالوا العصران للظهر والعصر وكما قالوا لأبي بكر وعمر العمران والليل والنهار العصران قال الشاعر: قال الخطابي في قوله صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه صل العصرين إنهما العصر والصبح قال غلب العصر على الصبح قال وعندي انهما سيما بذلك لأنهما يفعلان في طرفي العصرين وهما الليل والنهار فلا تغلب قال الحموي في [شرح التنبيه] سميت العصر عصرا لأنها تعاصر وقت المغرب وفي هذا نظر لأن وقت العشاء أيضا يمتد إلى وقت الصبح ويظهر أن العصر أنما سميت عصرا لأنها تفعل في آخر النهار وآخر النهار عصارته إذ عصارة الشيء بقية وتسمية الصبح والعصر بالعصرين لأنهما صلاتي العصرين لأن كل واحدة من عصر وليستا من عصر واحد لأن اليوم في اللغة أنما يكون من طلوع الشمس.
أكَلَ التَناهُلُ فيه البَرّ في حَضَرٍ ** وَرِفقُ سَفَراتي في الحَملِ والأَكلِ
أَكلَ الزَهيلُ مَعَ المَفهومِ مَغفِرَةً ** خَلطُ الوَصي بِمالِ الطِفلِ لَم يَبَل
التناهل أن يخلط القوم ازوادهم في السفر أو في الحضر ويأكلون وتسمى المخارجة في الحضر وهو أن يدفع كل إنسان شيئا ويشتروا به طعاما وهو محبوب لقوله تعالى: {فابَعَثوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُم هَذَهِ إِلى المَدينَةِ فَلَيَنظُر أَيُها أَزكَى طَعاماً فَليَأتِكُم بِرزقٍ مِنهُ} الكهف وقال صلى الله عليه وسلم: (اجتمعوا على طعامكم يبارك لكم فيه) وهي للمسافر أيضا مستحبة لأن ينالهم رفق في حمل الزاد وحفظه ولا نظر الحاكون بعضهم أكثر أكلامن بطن لأن هذا متسامح به عادة
¥