يحرم النوم قبل أداء الفريضة إذا خشي فوتها حتى لو علم أنه إذا نام قبل الوقت لا يستيقظ حتى يخرج الوقت حرم النوم لأنه يفوت الواجب وهذا كما قالوا يجب السعي إلى الجمعة قبل الوقت على من داره بعيدة ويجب تعلم الفاتحة قبل الوقت لمن لا يمكنه التعلم بعد الوقت ويكره بعد دخول وقت العشاء النوم قبلها وكره مالك النوم في المساجد وعندنا مباح لأن عليا رضي الله عنه نام في المسجد فجاءه النبى صلى الله عليه وسلم وكان غضبانا على أهله فقال له: (قم أبا تراب) ولم ينهه عن ذلك.
وَلَم تَنَم بَينَ أقوامٍ عَلى سَهرٍ ** وَكُن أدوباً تُرى في الناسِ يَحِلُ
وَإِن نَعستَ فَقُم خَلي المَكانِ وَدُم ** دَفَعَ النُعاسُ بِما يَأتي مِنَ الحِيَلِ
لا ينبغي النوم بحضرة أقوام مستيقظين لأنه قد يخرج منه ريح فيشوش على الحاضرين ولأن فيه قلة مرؤة فإن غلب النعاس على شخص فينبغي له التحول إلى مكان آخر وقد جاء الأمر بالتحول في حديث.
في يَقَظَةٍ جَرَدَت فَضلٌ لِصاحِبِها ** أو نَومَةٌ جاءَ خَلفَ قَد حَلوه
جلى ذكر أبو طالب المكي في {قوت القلوب} كلاما في اليقظة إذا كانت مجردة عن ذكر الله تعالى وسائر العبادات هل هي أفضل من النوم أم النوم أفضل منها فقيل هي أفضل لأن النوم نقص وقيل النوم أولى لأنه قد يرى فيه البارىء جل وعلا والأنبياء والصالحين وليس الكلام في نوم حَقيقَةَ النَومِ قَد مازوا بِأربَعَةٍ ** في روضَةٍ عَدَها خُذها بِلا جَدَلِ
فَقَد الشُعورَ وَرُؤيا النَومِ ثالِثُها ** فَقَدُ السَماعِ وَالإِستِرخاء فاحتَفِلِ
اختلفوا في النوم فقيل ريح تأتي الإنسان إذا شمها ذهبت حواسه كما تذهب الخمر بعقل شاربها وقيل النوم إنعكاسُ الحواس الظاهرة إلى الباطنة حتى يصح أن يرى الرؤيا وللنوم أربع علامات عدها في الروضة الأولى فقد الشعور حتى لو مسه إنسان أو وقع على جسده ماء لم يحس به ولم يشعر الثانية أن يرى في منامه رؤيا الثالثة استرخاء الأعضاء فلو كان قابضا بكفه على دراهم ثم نعس فاستيقظ فوجها قد سقطت من يده من غير شعور بها دل على نومه الرابعة أن يخفى عليه كلام الحاضرين فلا يدري ما قالوا.
وَكَثرَةُ النَومِ نَقصٌ في الحَياةِ فَنُم ** ثُلُثَ الحَياةِ وَقُم بِالثُلُثِ وَاشتَغِلِ
وَإِن نَعَستَ فَدَع ثِقَلَ الصَلاةِ وَنَم ** وَاعمَل بِطَوقَكِ في الأَحوالِ اِبتَهِل
قال الغزالي ينبغي لكل أحد أن لا ينام في اليوم والليلة أكثر من ثمان ساعات لأنه إذا عاش ستين سنة يكون قد نام فيها عشرين سنة وينبغي أن يصرف ثلث ليله في الطاعات والثلث الأوسط في الصلاة وهذا التقدير كله مأخوذ من إخباره صلى الله عليه وسلم عن داود عليه السلام أنه كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه وذلك ثلث العمر قوله وإن نعست فدع إذا عرض للإنسان نعاس وهو يصلي أو يتلو كتاب الله فينبغي له قطع ما هو فيه والاشتغال بالنوم وقد جاء ذلك معللا بقوله صلى الله عليه وسلم: (فإن أحدكم لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه).
وَانفَض فِراشَكَ بَعدَ العودِ فَفِعلُهُ ** قَد حَوى نَوعاً مِنَ الأصلِ
ما يستحب فعله للمستيقظ
يستحب للإنسان إذا فارق فراشه وعاد إليه أن ينفضه قبل أن ينام فيه لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أوى أحدكم الى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره لا يدري ما خلفه بعده).
إذا مَضى ثُلُثٌ خَلي الفِراشَ وَقُم ** إِلى النَوافِلِ وَالتَسبيحِ وَالعَمَلِ
يستحب لِلإِنسانِ إذا كان له ورد من الليل لأن العبادة فيه اشق على النفس ولأن غالب الناس ينام في ذلك الوقت وذاكر الله بين الغافلين كشجرة خضراء بين أشجار يابسة وهذه آداب تتعلق بالدعاء.
وَاجلِس إِلى قِبلَةٍ بِالحَمدِ مُبتَدِئاً ** وَبِالصَلاةِ عَلى المُختارِ وَالرُسُلِ
وَامدُد يَديكَ وَسَل فَاللَهُ ذو كَرمٍ ** وَاطلُب كَثيراً وَقُل يا مُنَجِحَ الأَسَلِ
بِبَسطِ كَفٍ خُذ الأَقوالَ ثالِثُها ** عِندَ البَلاءِ بِظَهرِ الكَفِ فابتَهِلِ
بِرَفعِ كَفٍ أم الأَطرافُ قَد ذَكَروا ** قَولينِ أًقواهُما رَفعٌ فَلا تَحِلِ
آداب الدعاء
¥