تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: اعْقَلْ _ رَحِمَنَا اللهُ وَإِيَّاكَ _، مَا خَاطَبَكَ بِهِ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ يَحُثُّكَ عَلَى طَلَبِ عِلْمِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ قَبْلَ فَنَاءِ الْعُلَمَاءِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ فَنَاءَ الْعِلْمِ بِقَبْضِ أَهْلِهِ. ثُمَّ أَعْلَمَكَ أَنَّ الْخَيْرَ إِنَّمَا هُوَ فِيمَنْ يَطْلُبُ الْعِلْمَ، وَفِيمَنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلا خَيْرَ فِيهِ. اعْقَلْ هَذَا، وَاطْلُبْ مِنَ الْعِلْمِ مَا يَنْفِى عَنْكَ بِهِ الْجَهْلَ، وَتَعَبَّدِ اللهِ بِهِ، وَتُرِيدُ اللهَ الْعَظِيمَ بِهِ، فَإِنَّهُ عَلَيْكَ فَرِيضَةٌ، لِقَوْلِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ»، وَلِقَوْلِهِ: «اطْلُبُوا الْعِلْمَ وَلَوْ بِالصِّينِ» (1).

«الْحَدِيثُ الثَّالِثُ» [3] قَالَ أَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ يَعْنِي ابْنَ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَلْقَمَة بْنِ وَقَّاصٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخِطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ».

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: اعْلَمْ _ رَحِمَنَا اللهُ وَإِيَّاكَ _ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ، لا يَجُوزُ لأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُؤَدِّي مَا افْتَرَضَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ مِنْ فَرِيضَةٍ، وَلا يَتَقَرَّبَ إِلَيْهِ بِنَافِلَةٍ إِلا بِنِيَّةٍ خَالِصَةٍ صَادِقَةٍ، لا رياء فِيهَا وَلا سمعة، وَلا يُرِيد بِهَا إلا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَلا يشرك فِيهَا مَعَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ غَيْرَهُ، لأَنَّ اللهَ تَعَالَى لا يَقْبِلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلا مَا أُخْلِصَ لَهُ، وَأُرِيدَ بِهِ وَجْهُهُ، لا يَخْتِلَفُ فِي هَذَا الْعُلَمَاءُ.

فَإِنْ قُلْتَ: فَأَيُّ شَيْءٍ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْهِجْرَةِ؟، قِيلَ لَكَ: اعْلَمْ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا هَاجِرَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَوْجَبَ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، مِمَّنْ هُوَ بِمَكَّةَ أَنْ يُهَاجِرُوا، وَيَدَعُوا أَهَالِيهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ وَدِيَارِهِمْ، يُرِيدُونَ بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، لا غَيْرَهُ، فَكَانَ النَّاسُ يُهَاجِرُونَ عَلَى هَذَا النَّعْتِ، فَأَثْنَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ فِي كِتَابِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَذَمَّ مَنْ تَخَلَّفَ عَنِ الْهِجْرَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَعَذَرَ مَنْ تَخَلَّفَ بِعُذْرٍ، إِذَا كَانَ لا يَسْتَطِيعُ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْ مَكَّةَ مُهَاجِرَاً فِي الظَّاهِرِ، وَقَدْ شَمَلَهُ الطَّرِيقُ مَعَ النَّاسِ وَالسَّفَرِ، وَلَمْ يَكُنْ مُرَادُهُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولَهَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا كَانَ مُرَادُهُ تَزَوُّجَ امْرَأَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ قَبْلَهُ، أَرَادَ تَزَوُّجَهَا، وَأَرَادَ الدُّنْيَا، فَلَمْ يُعَدَّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ قَدْ شَمَلَهُ مَعَ النَّاسِ وَالسَّفَرِ، وَخَرَجَ مِنْ وَطَنِهِ، إِلا أَنَّ نِيَّتَهُ مُفَارِقَةٌ لِنِيَّاتِهِمْ، هُمُ أَرَادُوا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ أَرَادَ تَزَوُّجَ أُمِّ قَيْسٍ، فَكَانَ يُسَمَّى مُهَاجِرَ أُمِّ قَيْسٍ (2)، فَاعْلَمْ ذَلِكَ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير