تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: اعْلَمْ _ رَحِمَنَا اللهُ وَإِيَّاكَ _ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَعْلَمَكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ إِنَّمَا سَأَلَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَضْرَةِ أَصْحَابِهِ، إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَعَلِّمَهُمْ أَمْرَ دِينِهِمْ، فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَعْلَمُوهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَسُؤَالُهُ عَنْ الإِسْلامِ، فَقَدْ بَيَّنَا لَكَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَأَمَّا الإِيْمَانُ فَوَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُؤْمِنَ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَبِجَمِيعِ مَلائِكَتِهِ، وَبِجَمِيعِ كُتُبِهِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللهُ عَلَى رُسُلِهِ، وَبِجَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ، وَبِالْمَوْتِ، وَبِالْبَعْثِ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ، وَبِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَبِمَا جَاءَتْ بِهِ الآثَارُ فِي أَحَادِيثَ أُخَرَ، مِثْلَ أَنْ يُؤْمِنَ بِالصِّرَاطِ، وَالْمِيزَانِ، وَبِالْحَوْضِ، وَالشَّفَاعَةِ، وَبِعَذَابِ الْقَبْرِ، وَبِقَوْمٍ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، وَبِالسَّاعَةِ، وَأَشْبَاهَ لِهَذَا مِمَّا يُؤْمِنُ بِهِ أَهْلُ الْحَقِّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَيَجْحَدُ بِهَا أَهْلُ الأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ وَالضَّلالَةِ، مِمَّنْ حَذَّرَنَاهُمْ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَذَّرَنَاهُمْ الصَّحَابَةُ، وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَعُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ، وَيُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، وَيَبْرَأ مِمَّنْ لَمْ يُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، كَمَا تَبَرَّأ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنْهُ.

وَقَوْلُهُ «وَأَخْبِرْنِي عَنْ الإِحْسَانِ» قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»، فَاعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ عَبْدَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ مُطَّلِعٌ عَلَى عَمَلِهِ، يَعْلَمُ سِرَّهُ وَعَلانِيَتَهُ، وَيَعْلَمُ مَا تُخْفِي مِنْ عَمَلِكَ وَمَا تُبْدِيهِ، وَمَا تُرِيدُ بِعِلْمِكَ: أللهَ تُرِيدُ أَمْ غَيْرَهُ؟، «يَعْلَمُ السَّرَّ وَأَخْفَى» [طَهْ: 7]، «يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ» [غَافَرُ: 19]، «يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ» [النٌّورُ: 64]، فَاحْذَرُوهُ.

فَمَنْ رَاعَى هَذِهِ بِقَلْبِهِ وَبِعِلْمِهِ خَشِيَ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَخَافَهَ وَعَبَدَهُ كَمَا أَمَرَهُ، فَإِنْ كُنْتَ عَنْ هَذِهِ الْمُرَاعَاةِ فِي غَفْلَةٍ فَإِنَّهُ يَرَاكَ، ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكَ فَيُنَِّبُئَك بِمَا كُنْتَ تَعْمَلُهُ، فَاحْذَرْ الْغَفْلَةَ فِي عِبَادَتِكَ إِيَّاهُ، وَاعْبُدْهُ كَمَا أَمَرَكَ لا كَمَا تُرِيدُ، وَاسْتَعِنْ بِهِ، وَاعْتَصِمْ بِهِ، فَإِنَّهُ لا يَقْطَعُ مَنْ لَجَأَ إِلَيْهِ، وَقَدْ ضَمِنَ لِمَنْ اعْتَصَمَ بِهِ أَنْ يَهْدَيَهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

«الْحَدِيثُ السَّادِسُ» [6] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدَوْلابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: «إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ مَلَكَاً، فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، فَيَكْتُبُ عَمَلَهُ، وَأَجَلَهُ، ورِزْقَهُ، وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير