تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فَيَدْخُلُ النَّارَ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيَدْخُلُهَا».

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: فَيَنْبَغِي لَكَ _ أَيُّهَا السَّائِلُ _ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ فَرَغَ مِنْ أَرْزَاقِ الْعِبَادِ، وَأَنَّ كُلّ عَبْدٍ مُسْتَوْفٍ رِزْقَهُ، لا يَزِيدُ فِيهِ، وَلا يَنْقُصُ مِنْهُ، وَكَذَا قَدْ فُرِغَ مِنَ الآجَالِ، لا يَزْدَادُ أَحَدٌ عَلَى أَجَلِهِ، وَلا يَنْتَقِصُ مِنْهُ، حَتَّى يَأْتِيَهُ آخِرُ أَجَلِهِ، وَكَذَا كَتَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَمَلَهُ الَّذِي يَعْمَلُ، خَيْرَاً كَانَ أَوْ شَرَّاً، وَكَتَبَهُ شَقِيَّاً أَوْ سَعِيدَاً، فَكُلُّ الْعِبَادِ يَسْعَوْنَ فِي أَمْرٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ، وَالإِيْمَانُ بِهَذَا وَاجِبٌ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ كَفَرَ.

«الْحَدِيثُ السَّابِعُ» [7] حَدَّثَنَا أبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، قَالَ: فَأَتَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ، وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ، فَنَكَسَ رَأْسَهُ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْكثمْ مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ، إلا وَقَدْ كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَإِلا وَقَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً»، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا، وَنَدَعُ الْعَمَلَ، فَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ؟، فَقَالَ: «اعْمَلُوا، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِعَمَلِهِ، أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةَ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ، ثُمَّ قرأ «فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى. وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى. وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى» [اللَّيْلُ: 5_10].

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: فاعْلَمْ رَحِمَكَ اللهُ أنَّ الإِيْمَان بِهَذَا وَاجِبٌ، قَدْ أُمِرَ الْعِبَادُ أَنْ يَعْمَلُوا بِمَا أُمِرُوا مِنْ طَاعَةِ اللهِ، وَيَنْتَهُوا عَمَّا نُهُوا عَنْهُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، وَاللهُ بَعْدَ ذَلِكَ مُوَفِّقٌ مَنْ أَحَبَّ لِطَاعَتِهِ، وَمُقَدِّرٌ مَعْصِيَتَهُ عَلَى مَنْ أَرَادَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، «يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ» [النَّحْلُ: 93] و «لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسِأَلُونَ» [الأَنْبِيَاءُ: 23]. أَحَبَّ مِنْ عِبَادِهِ الطَّاعَةَ، وَأَمَرَ بِهَا، فَكَانَتْ بِتَوْفِيقِهِ، وَزَجَرَ عَنْ الْمَعْصِيَةِ، وَأَرَادَ كَوْنَهَا غَيْرَ مُحِبٍّ لَهَا، وَلا آمِرَاً بِهَا، تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ عَنْ أَنْ يَأْمُرَ بِالْفَحْشَاءِ، وَجَلَّ أَنْ يَكُونَ فِي مُلْكِهِ مَا لا يُرِيدُ. هَذَا، رَحِمَكَ اللهُ، طَرِيقُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير