تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْقَدَرُ نِظَامُ التَّوْحِيدِ، فَمَنْ آمَنَ بِاللهِ، وَصَدَّقَ بِالْقَدَرِ، فَهِيَ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى الَّتي لا انْفِصَامَ لَهَا، وَمَنْ آمَنَ بِاللهِ، وَكَذَّبَ بِالْقَدَرِ كَانَ تَكْذِيبُهُ لِلْقَدَرِ نَقْصَاً مِنْهُ لِتَوْحِيدِهِ.

«الْحَدِيثُ الثَّامِنُ» [8] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْخُوزِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ وَحُجْرٍ الْكِلاعِيِّ قَالا: دَخَلْنَا عَلَى الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ، وَهُوَ مِنَ الَّذِينَ نَزَلَ فِيهِمْ «وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ» [التَّوْبَةُ: 92]، دخلوا عَلَيْهِ وَهُوَ مَرِيضٌ، قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّا جِئْنَاكَ زَائِرِينَ وَعَائِدِينَ وَمُقْتَبِسِينَ، فَقَالَ عِرْبَاضٌ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِنَا صَلاةَ الْغَدَاةِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، فَوَعَظَنَا بِمَوْعِظَةٍ بَلِيغَةٍ، ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟، قَالَ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدَاً حَبَشِيَّاً، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي، فَسَيَرَى اخْتِلافَاً كَثِيرَاً، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ».

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ عُلُومٌ كَثِيْرَةٌ يَحْتَاجُ إِلَى عِلْمِهَا جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ، وَلا يَسَعْهُمْ جَهْلُهُ. مِنْهَا أَنَّهُ أَمَرَهُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا أَمَرَهُمْ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِتَقَوَاهُ، وَلا يَعْلَمُونَ بِتَقَوَاهُ إِلا بِالْعِلْمِ. قَالَ بَعْضُ الْحُكَّامِ: كَيْفَ يَكُونُ مُتَّقِيَاً مَنْ لا يَدْرِي مَا يَتَّقِي. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لا يَتَّجِرُ فِي أَسْوَاقِنَا إِلا مَنْ قَدْ فَقِهَ فِي دِينِهِ، وَإِلا أَكَلَ الرِّبَا.

قُلْتُ: فَعَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَّقُوا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَدَاءِ فَرَائِضِهِ، وَاجْتِنَابِ مَحَارِمَهِ. وَمِنْهَا: أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِكُلِّ مَنْ وَلِي عَلَيْهِمْ مِنْ عَبْدٍ أَسْوَدَ وَغَيْرِ أَسْوَدَ، وَلا تَكُونُ الطَّاعَةُ إِلا بِالْمَعْرُوفِ، لأَنَّهُ أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ سَيَكُونُ اخْتِلافٌ كَثِيْرٌ بَيْنَ النَّاسِ، فَأَمَرَهُمْ بِلُزُومِ سُنَّتِهِ، وَسُنَّةِ أصحابه الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، وَحَثَّهُمْ عَلَى أَنْ يَتَمَسَّكُوا بِهَا التَّمَسُّكَ الشَّدِيدَ، مِثْلَ مَا يَعَضُّ الإِنْسَانُ بِأَضْرَاسِهِ عَلَى الشَّيْءِ يُرِيدُ أَنْ لا يَفْلِتَ مِنْهُ، فَوَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ: أَنْ يَتَّبِعَ سُنُنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلا يَعْمَلُوا أَشْيَاءَ إِلا بِسُنَّتِهِ وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بَعْدَهُ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، وَكَذَا لا يَخْرُجُ عَنْ قَوْلِ صَحَابَتِهِ رَحْمَةُ اللهُ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّهُ يَرْشُدُ إِنْ شَاءَ اللهُ. وَمِنْهَا أََّنُه حَذَّرَهُمْ الْبِدَعَ، وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهَا ضَلالَةٌ، فَكُلُّ مِنْ عَمِلَ عَمَلاً، أَوْ تَكَلَّمَ بِكِلامٍ لا يُوَافِقُ كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلا سُنَّةَ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير