تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَحَقَّاً، دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَقَوْلُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ.

وَأَمَّا مَا لَزِمَ الْقَلْبَ مِنْ فَرْضِ الإِيْمَانِ، فَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ» إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ «لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ» [الْمَائِدَةُ: 41]، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ «مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيْمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيْمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرَاً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ» الآيَةَ [النَّحْلُ: 106]، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْحُجُرَاتِ «قَالَتِ الأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيْمَانُ فِي قُلُوبِكُم» [الْحُجُرَاتُ: 14]. فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ عَلَى الْقَلْبِ فَرْضُ الإِيْمَانِ، وَهُوَ التَّصْدِيقُ وْالْمَعْرِفَةُ، وَلا يَنْفَعُ الْقَوْلُ إِذَا لَمْ يَكُنْ الْقَلْبُ مُصَدِّقَاً بِمَا يَنْطِقُ بِهِ اللِّسَانُ مَعَ الْعَمَلِ.

وَأَمَّا فَرْضُ الإِيْمَانِ بِاللِّسَانِ، فَقَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ «قُولُوا آَمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ. فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ» الآيَةَ [الْبَقَرَةُ: 136_137]، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ آلَ عِمْرَانَ «قُلْ آَمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ» الآيَةَ [آلَ عِمْرَانَ: 84]. وقَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ ... » وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَهَذَا الإِيْمَانُ بِاللِّسَانِ نُطْقَاً وَاجِبَاً.

وَأَمَّا الإِيْمَانُ بِمَا فَرَضَ اللهُ عَلَى الْجَوَارِحِ تَصْدِيقَاً لِمَا آمَنَ بِهِ الْقَلْبُ وَنَطَقَ بِهِ اللِّسَانُ، فَقَوْل اللهِ عَزَّ وَجَلَّ «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» [الْحَجُّ: 77]، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ «وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ» فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْقُرْآنِ. وَمِثْلُهُ فَرْضُ الصِّيَامِ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ، وَمِثْلُهُ فَرْضُ الْحَجِّ، وَفَرْضُ الْجِهَادِ عَلَى الْبَدَنِ بِجَمِيعِ الْجَوَارِحِ. فَالأَعْمَالُ بِالْجَوَارِحِ تَصْدِيقٌ عَلَى الإِيْمَانِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، فَمَنْ لَمْ يُصَدِّقِ الإِيْمَانَ بِعَمَلِهِ بِجَوَارِحِهِ، مِثْلِ الطَّهَارَةِ، وَالصَّلاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالصِّيَامِ، وَالْحَجِّ، وَالْجِهَادِ، وَأَشْبَاهٍ لِهَذِهِ. وَمَنْ رَضِيَ لِنَفْسِهِ بِالْمَعْرِفَةِ وَالْقَوْلِ دُونَ الْعَمَلِ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنَاً، وَلَمْ تَنْفَعْهُ الْمَعْرِفَةُ وَالْقَوْلُ، وَكَانَ لِتَرْكِهِ لِلْعَمَلِ تَكْذِيبَاً مِنْهُ لإِيْمَانِهِ، وَكَانَ الْعَمَلُ بِمَا ذَكَرْنَا تَصْدِيقَاً مِنْهُ لإِيْمَانِهِ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير