تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: وَمَعْنَى لا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ مَخَافَةَ الصَّدَقَةِ، كَانَ النَّاسُ فِي الْحَيِّ أَوْ فِي الْقَرْيَةِ إِذَا عَلِمُوا أَنَّ الْمُصَدِّقَ يَقْصِدُهُمْ لِيَأْخُذَ صَدَقَاتِهِمْ فَيَكُونَ مِثْلاً ثَلاثَةُ أَنْفَسٍ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعُونَ شَاةً، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: تَعَالَوْا حَتَّى نَخْتَلِطَ بِهَا فَيَقُولُونَ: نَحْنُ ثَلاثَةُ خُلَطَاءَ، لَنَا عِشْرُونَ وَمِائَةُ شَاةٍ، فَيَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ مِنْهُمْ شَاةً وَاحِدَةً، فَقَدْ نَقَصُوا الْمَسَاكِينَ شَاتَيْنِ، لأَنَّهُمْ لَوْ تَرَكُوهَا عَلَى حَالِهَا لَوَجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ شَاةٌ، فَنُهُوا عَنْ هَذَا الْفِعْلِ فَهَذَا مَعْنَى لا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ مَخَافَةَ الصَّدَقَةِ أَنْ تَكْثُرَ عَلَيْهِمْ.

وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ «وَلا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ» هَذَا خَطَّابٌ لِعَامِلِ الصَّدَقَةِ، قِيلَ لَهُ: مِثْلُ إِذَا كَانُوا خُلَطَاءَ اثْنَانِ لَهُمَا ثَمَانُونَ شَاةً تَجِبُ عَلَيْهَا شَاةٌ وَاحِدَةٌ لا يُفْرِّقُهَا عَلَيْهِمَا، فَيَقُولُ: إِذَا فَرَّقْتُهَا عَلَيْهِمْا أَخَذْتُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ شَاةً شَاةً، فَأَمَرَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَدَعَ الشَّيْءَ عَلَى حَالِهِ وَيَتَّقُوا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ.

وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ «وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ».

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَعْنَى هَذَا، فَيَقُولُ مَالِكٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ: إِذَا كَانَا خَلِيطَيْنِ فِي غَنْمٍ أَوْ بَقَرٍ كَانَ فِي حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الزَّكَاةُ زَكَيَّا زَكَاةَ الْوَاحِدِ، فَإِذَا كَانَا خَلِيطَيْنِ فِي غَنْمٍ، لَوْ فَرَّقْاهَا لَمْ يَجِبْ فِي غَنْمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الزَّكَاةُ، لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمَا فِيهَا الزَّكَاةُ، فَكَأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ لَهُمَا أَرْبَعُونَ شَاةً خَلَطَا لِكُلِّ وَاحِدٍ عِشْرِينَ شَاةً وَلَوْ تَفَرَّقَا لَمْ يَجِبْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْءٌ، وَإِذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي ثَمَانِينَ شَاةً لِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعُونَ شَاةً، كَانَ عَلَيْهِمَا شَاةٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ شَاةٍ، أَوْ كَانَا خَلِيطَيْنِ فِي عِشْرِينَ وَمِائَةِ شَاةٍ لِوَاحِدٍ ثَمَانُونَ شَاةً وَلآخَرَ أَرْبَعُونَ شَاةً، فَجَاءَ الْمُصَدِّقُ فَأَخَذَ مِنْهَا زَكَاتَهَا شَاةً وَاحِدَةً تَرَاجَعَا بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ كَانَ عَلَى صَاحِبِ الثَّمَانِينَ شَاةً ثُلُثَا شَاةٍ، وَعَلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ ثُلُثُ شَاةٍ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُمَا اللهُ وَغَيْرِهِمَا فَإِنَّ الْخَلِيطَيْنِ يُزَكِّيَانِ زَكَاةَ الْوَاحِدِ ثُمَّ يَتَرَاجَعَا بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ كَأَنَّهُ رَجُلٌ لَهُ ثَلاثُونَ شَاةً، وَآخَرُ لَهُ عَشْرُ شِيَاهٍ، خُلِطَا أُخِذَ مِنَ الْجَمِيعِ شَاةٌ، عَلَى صَاحِبِ الثَّلاثِينَ ثَلاثَةُ أَرْبَاعِ شَاةٍ وَلَزِمَ صَاحِبَ الْعَشْرِ رُبْعُ شَاةٍ، وَهَكَذَا فِيمَا زَادَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، فَاعْلَمْ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ.

«الْحَدِيثُ السَّابِعُ والْعِشْرُونَ»

[27] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيْمَانَاً وَاحْتِسَابَاً غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيْمَانَاً وَاحْتِسَابَاً غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير