والجواب: هذا لو كانت الأخطاء سراً، أما وقد نشرت على الملأ، فقد تعين إعلانها، وليس في ذلك حرج فتلك سنة ماضية جرى عليها عمل السلف من عهد الصحابة رضوان الله عليهم إلى يومنا هذا فقد رد بعضهم على بعض علناً والقصد إظهار الحق والمرجو أن يذعن الجميع له والحق يعلو ولا يعلى عليه وقد قال بعض أئمة السلف: (ما منا إلا راد ومردود عليه) وقال: (كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر) يعني النبي صلى الله عليه وسلم.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
القسم الأول
أوهام الشيخ محمد سعيد القحطاني في تعليقاته على كتاب السنة
الفصل الأول: الطعن في مشاهير أئمة السلف.
الفصل الثاني: أخطاء علمية متعلقة بمسائل عقدية.
الفصل الثالث: أخطاء متعلقة بالحكم على الأسانيد.
الفصل الرابع: أخطاء متفرقة وأوهام عامة.
الفصل الأول
طعن القحطاني في مشاهير أئمة السلف
أن يطعن أشعري متعصب، أو جهمي حاقد، أو رافضي خبيث، في إمام من أئمة السلف، أمر لا يستغرب، فإن ذلك ديدنهم وتلك سجيتهم منذ أن نشب الخلاف في هذه الأمة إلى يومنا هذا، وإلى أن يشاء الله.
وإنما الغريب حقاً، أن يصدر مثل ذلك الطعن ممن ينتسب إلى السنة ويتعزى إلى مذهب سلف هذه الأمة.
وهذا للأسف ما فعله الشيخ القحطاني في تعليقاته على كتاب السنة فقد طعن في مشاهير الأئمة الذين حفظ الله بهم الدين واختارهم لحمل أمانة العلم وتبليغه للأمة من بعد الصحابة الكرام فنقلوا إلينا الآثار في التفسير والفقهين الأكبر والأصغر كالإمام مالك والأوزاعي وابن المبارك وحماد بن زيد وابن سلمة والثوري ووكيع وأحمد، وهؤلاء لا يختلف أحد، ممن يعتد به، في إمامتهم في الدين وفضلهم وعلو شأنهم في العلم والسنة.
ولا يخفى على الشيخ القحطاني ذلك، لكنه طعن فيهم دون أن يقصد ذلك، فرماهم بالظلم والجور والكذب وحسد الأقران والنعرة الجاهلية وبالجهل بأمور العقيدة وضرورات العقل وبدهيات الإسلام!!
فإن قيل كيف؟ ولم؟
فالجواب: أما السبب، فهو أن الإمام عبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله، عقد فصلاً في كتابه عنوانه: (ما حفظت عن أبي وغيره من المشايخ في أبي حنيفة) ذكر فيه مآخذ الأئمة على أبي حنيفة وطعنهم في مذهبه.
فثارت حمية الشيخ القحطاني وانبرى للدفاع عنه ولم يحسن الجواب عن المآخذ المنسوبة إليه بل اشتغل بالنقد واللمز والطعن في الأئمة وتجريح الثقات وتوهين الروايات الصحيحة.
وقد توارد في مسلكه هذا مع بعض متعصبة الأحناف، ممن ملئ قلبه غلاً على السلف وعلى عقيدتهم ومن أشهرهم الكوثري الأشعري الذي صنف كتابه (تأنيب الخطيب) شحنه بسافل القول وفاحش الكلم في حق المشاهير من علماء السلف حتى طال نقده بعض الصحابة وأورد فيه جملة من الأخطاء والمغالطات في الاعتقاد والفقه والحديث.
وقد قيض الله له علماً من أعلام السنة، وهو العلامة عبد الرحمن المعلمي اليماني رحمه الله تعقبه وفند أخطاءه ورد أباطيله في كتابه التنكيل و طليعة التنكيل.
وإليك أمثلة مما قاله القحطاني في حق الأئمة:
ذكر في المقدمة تحت عنوان نقد الكتاب ما نصه: (شاء الله تبارك وتعالى أن لا تكون هناك عصمة لبشر إلا من عصمه الله تبارك وتعالى فالبشر من طبيعتهم الخطأ والصواب وكل يؤخذ من كلامه ويرد عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال الإمام مالك. لهذا وذاك أدخل في نقد هذا الكتاب نقداً لا أهداف من ورائه تجريح عبد الله ولكن من باب بيان الخطأ والمآخذ وأقول ما قاله الصالحون من سلفنا: عبد الله بن أحمد حبيب إلي، والحق حبيب إلي، ولابد من تقديم محبة الحق على محبة المصنف لأن الحق أحق أن يتبع.
ومن هنا أقول: إن أول ما يؤخذ على عبد الله رحمه الله في كتاب السنة هو إدراج الكلام في أبي حنيفة في كتاب من أهم وأول كتب العقيدة السلفية، إذ من المقطوع به عقلاً أن شتم أبي حنيفة أو مدحه ليس من أمور العقيدة الأساسية في شيء).
قال سمير: وأنا أقول إن كان الشيخ القحطاني حبيباً إلي، فالحق أحب وأولى أن يتبع ولي على كلامه هذا مأخذان:
الأول: إن نقده لا ينحصر في الإمام عبد الله وحده، بل ينعطف على سائر الأئمة، الذين طعنوا في أبي حنيفة، واجتمعت أقوالهم واتفقت على ذلك كما سيأتي تقريره.
¥