والثانية: توهين السند به، مع أنه القائل وليس الراوي.
فالأثر رواه الدارمي عن أبيه عن خارجة قال:)) الجهمية كفار ... ((الخ.
فخارجة كما ترى ليس من رواة الأثر حتى يعلل به، كما زعم القحطاني، بل هو القائل، فإنكار الشيخ على الكوثري عدم تعليله للأثر بذلك قلب للحقائق. نعم، تعليله بسعيد بن صخر الدارمي، الراوي عن خارجة، صحيح، إذ هو مجهول كما قال أبو حاتم في الجرح والتعديل لابنه [4/ 34].
وأما خارجة بن مصعب فهو ضعيف في الحديث مع إمامته، وليس بكذاب، كما زعم الشيخ، عفا الله عنه.
ولعله اغتر بما ورد في ترجمته في التهذيب [3/ 76] والميزان [1/ 625] عن ابن معين، وغفل عن سبب ذلك، وقد فسره الأئمة، كابن حبان وغيره، كما سيأتي، فمثله لا يقال عنه كذاب، وإنما يكتفى بتضعيف روايته.
وقد اختلفت عبارات ابن معين فيه، فقال فيه كذاب، وقال: ليس بشيء، وقال: ضعيف، وقال: ليس بثقة.
وقال ابن حبان في المجروحين [1/ 284]:)) كان يدلس عن غياث بن إبراهيم وغيره، ويروي ما سمع منهم مما وضعوه على الثقات عن الثقات الذين رآهم، فمن هنا وقع في حديثه الموضوعات عن الإثبات، لا يحل الاحتجاج بخبره ((.
وساق ابن عدي له نحواً من عشرين حديثاً مناكير وغرائب، ثم قال: وهو ممن يكتب حديثه. عندي أنه يغلط ولا يتعمد.
قال الذهبي: كان له جلالة بخراسان.
ترجم له في السير [7/ 326] فقال:)) الإمام العالم المحدث، شيخ خراسان مع إبراهيم بن طهمان. روى مسلم عن يحيى بن يحيى قال: هو مستقيم الحديث عندنا، ولم ننكر من حديثه إلا ما كان يدلس عن غياث، فإنا كنا نعرف تلك الأحاديث. وقال الحاكم: هو في نفسه ثقة، يعني ما هو بمتهم.
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه. وقال ابن عدي: يغلط ولا يتعمد. وقال عباس عن يحيى: ليس بثقة. وقال عبد الله بن أحمد: نهاني أبي أن أكتب أحاديثه.
وقال الجوزجاني: يرمى بالإرجاء ((انتهى ملخصاً.
قال سمير: فقد تبين سبب ضعفه، وتكذيب ابن معين لروايته، وأن ذلك لا يدخله في عداد الكذابين، بل يضعف روايته.
هذا من حيث الرواية فقط، أما هو في نفسه فكما قال الإمام الذهبي في ترجمته:)) إمام عالم محدث شيخ خراسان ((، ولم يطعن في عدالته بفسق أو بدعة، سوى ما ذكره الجوزجاني السعدي أنه رمي بالإرجاء، وهذا لم يسلم منه بعض الأكابر، والأثر المذكور لا علاقة له بالإرجاء.
ومما يبين لك مكانته في الإمامة والعلم، ذكر الإمام عبد الله له وتخريجه لقوله في كتابه "السنة" في أكثر من موضع، وكذا اللالكائي في "السنة" له [2/ 306] ذكره في عداد الأئمة الذين نقل عنهم تكفير من قال بخلق القرآن.
وذكره كذلك الإمام ابن القيم في "اجتماع الجيوش الإسلامية" [ص 232] فقال:)) قول خارجة بن مصعب رحمه الله تعالى: قال عبد الله بن أحمد في كتاب "السنة" حدثني أحمد بن سعيد الدارمي ... ((فساق الأثر المذكور هنا دون قوله:)) وهل يكون الاستواء إلا بجلوس ((.
ومن هنا تعلم أن قول الشيخ في ص [85 - 86]:)) وأما زاهد فقصمه الله في السبعينات من هذا القرن، فكان نكرة من النكرات، هلك وهلكت ترهاته ((مخالف للواقع، وهو مطلب كنا نتمنى حصوله، لكنه لم يحصل، فقد بقيت ترهات الكوثري وأباطيله ممثلة في تعليقات الشيخ على كتاب "السنة"!
[3] ص 305 روى الإمام عبد الله بإسناده عن عبد الله بن خليفة قال:)) جاءت امرأة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: ادع الله أن يدخلني الجنة قال: فعظم الرب عز وجل وقال: {وسع كرسيه السموات والأرض} إنه ليقعد عليه جل وعز فما يفضل منه إلا قيد أربع أصابع، وإن له أطيطاً كأطيط الرحل إذا ركب ((.
قال الشيخ القحطاني:)) إسناده ضعيف وفي متنه نكارة ((.
وقال في تخريجه له ما نصه:)) وأخرجه ابن جرير في تفسيره [5/ 400] تحقيق شاكر بنفس متن المؤلف. وذهب شاكر إلى أن الزيادة المنكرة هي ما ذكره الطبري، وأنا أوافقه على ذلك لأن هذا دخول في كيفية صفات الله، ومذهب السلف الصحيح عدم الدخول في الكيفية ((.
قال سمير: أخطأ الشيخ هنا كخطئه السابق، وخلط في بيان مذهب السلف، ونسب إليهم ما ليس في مذهبهم، ونفى ما أثبتوه وقرروه في كتبهم ومصنفاتهم.
¥