وساق ابن القيم لحديث ابن إسحاق، شواهد أخرى، منها حديث عمر بن الخطاب، وقد تقدم ذكره في الملاحظة السابقة، ولفظه:)) إذا جلس تبارك وتعالى على الكرسي سمع له أطيط كأطيط الرحل الجديد ((رواه عبد الله بن أحمد [1/ 301].
رواه أبو داود في سننه [5/ 94] باب في الجهمية، وابن أبي عاصم في السنة [1/ 253] والدارمي في الرد على الجهمية [ص49] وابن خزيمة في التوحيد [1/ 239] والبيهقي في الأسماء والصفات [2/ 152] واللالكائي في السنة [3/ 394] والآجري في الشريعة [ص293] وغيرهم من حديث محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن جبير بن محمد بن جدبير عن أبيه عن جده.
وأعله البيهقي والبزار والمنذري وأبو القاسم الدمشقي والألباني وغيرهم.
ورد الإمام ابن القيم على من أعله وأطال في تهذيب السنن [7/ 94 - 98] فقال: (قال أهل الإثبات: ليس في شيء من هذا مستراح لكم في رد الحديث. أما حملكم فيه على ابن إسحاق فجوابه: أن ابن إٍسحاق بالموضع الذي جعله الله من العلم والأمانة).
ثم ساق ترجمته وثناء الأئمة عليه، وذكر أن عنعنته هنا: (لا تخرج الحديث عن كونه حسناً، فإنه قد لقي يعقوب وسمع منه وفي الصحيح قطعة من الاحتجاج بعنعنة المدلس كأبي الزبير عن جابر وسفيان عن عمرو بن دينار ونظائر كثيرة لذلك].
ب- حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله: ما المقام المحمود؟ قال:)) ذلك يوم ينزل الله عز وجل على عرشه فيئط به كما يئط الرحل الجديد من تضايقه ((. رواه الدارمي في سننه [2/ 325] والحاكم في المستدرك [2/ 364] وأبو الشيخ في العظمة [2/ 595] واللفظ له، من طريق عثمان بن عمير عن أبي وائل عن ابن مسعود.
وصححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:)) لا والله، فعثمان ضعفه الدارقطني، والباقون ثقات ((.
قال سمير: أصاب الذهبي، فالرجل ضعيف، قال ابن عبد البر:)) كلهم ضعفه ((وقال ابن عدي:)) ردئ المذهب غال في التشيع يؤمن بالرجعة، ويكتب حديثه مع ضعفه ((انظر التهذيب [7/ 145].
جـ- أثر أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. قال:)) الكرسي موضع القدمين، وله أطيط كأطيط الرحل ((.
رواه الإمام عبد الله بن أحمد في "السنة" [1/ 302] وأبو الشيخ في العظمة [2/ 627] وابن جرير في تفسيره [5/ 398] من طريق عمارة بن عمير عن أبي موسى رضي الله عنه. وأعله الشيخ أحمد شاكر رحمه الله بالانقطاع، بأن عمارة لم يدرك أبا موسى.
وقال الألباني في مختصر العلو [ص 124] إسناده موقوف صحيح.
د- أثر ابن مسعود. قال:)) إن الله ملأ العرش حتى إن له أطيطاً كأطيط الرحل ((ذكره ابن القيم في اجتماع الجيوش [ص254 - 255] من طريق حرب عن إسحاق عن روح عن آدم بن أبي إياس عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن الشعبي عن ابن مسعود.
قال سمير: وقد روي موقوفاً على الشعبي بلفظ:)) إن الله تبارك وتعالى على () العرش حتى إن له أطيطاً كأطيط الرحل ((.
رواه أبو الشيخ في العظمة [2/ 593] من طريق آدم عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن الشعبي.
وإسناده صحيح، وحماد بن سلمة روى عن عطاء بن السائب قبل اختلاطه. انظر الكواكب النيرات [ص 325].
فهذه الشواهد، وإن كان بعضها لا يخلو من مقال، إلا أنها تقوي الحديث المرفوع، وأقل أحواله أن يكون حسناً.
وقد احتج بها أئمة السلف وأوردوها في مصنفاتهم التي أفردوها لتقرير عقيدتهم التي يدينون الله بها، والرد على من خالفهم من الفرق، وعلى رأسهم الجهمية نفاة الصفات.
وقد تقدم كلام ابن القيم في تصحيح حديث جبير بن مطعم، والرد على من ضعفه. ويضاف إلى ذلك قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:)) ولفظ "الأطيط" قد جاء في حديث جبير بن مطعم، الذي رواه أبو داود في السنن. وابن عساكر عمل فيه جزءً، وجعل عمدة الطعن في ابن إسحاق. والحديث قد رواه علماء السنة، كأحمد وأبي داود وغيرهما، وليس فيه إلا ماله شاهد من رواية أخرى ولفظ "الأطيط" قد جاء في غيره ((. انتهى من الفتاوى [16/ 435].
وممن احتج بحديث ابن إسحاق أيضاً من المتأخرين شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد وأئمة "الدعوة" من بعده، منهم الإمام عبد اللطيف، كما في مجموعة الرسائل والمسائل النجدية [3/ 244] والعلامة سليمان بن عبد الله آل الشيخ في تيسير العزيز الحميد [ص 726] وحافظ الحكمي في معارج القبول [1/ 151] وغيرهم.
¥