وأما عن "الثقل"، فإنه يشهد له ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: {تكاد السموات يتفطرن من فوقهن} [الشورى:5] قال:)) من الثقل ((.
رواه الحاكم في المستدرك [2/ 442] وصححه ولم يتعقبه الذهبي، من طريق خصيف عن عكرمة عن ابن عباس.
ورواه بهذا اللفظ أبو الشيخ في العظمة [2/ 614] من طريق خصيف عن مجاهد عن ابن عباس.
ورواه من طريق خصيف عن عكرمة عن ابن عباس بلفظ آخر، فقال:)) ممن فوقهن يعني الرب تبارك وتعالى ((.
ورواه ابن جرير في تفسير [25/ 7] من طريق آخر عن ابن عباس بلفظ:)) من ثقل الرحمن وعظمته جل جلاله ((وخصيف بن عبد الرحمن الجزري مختلف فيه، ضعفه جماعة ووثقه آخرون.
وممن وثقه ابن معين وابن سعد، وقال النسائي صالح، وقال يعقوب بن سفيان: لا بأس به، وقال الساجي: صدوق. وقال الدارقطني يعتبر به يهم.
وأما الذين ضعفوه، فمنهم الإمام أحمد ويحيى بن سعيد وابن خزيمة والأزدي. وقال أبو حاتم: صالح يخلط وتكلم في سوء حفظه.
وقال ابن عدي: إذا حدث عن خصيف ثقة فلا بأس بحديثه ورواياته، إلا أن يروي عنه عبد العزيز بن عبد الرحمن، فإن رواياته عنه بواطيل، والبلاء من عبد العزيز، لا من خصيف. انتهى من التهذيب [3/ 143 - 144].
قال سمير: وهذه الرواية رواها عنه ثقة، وهو إسرائيل بن يونس السبيعي، وتابعه شريك النخعي، فمتقضى كلام ابن عدي أنه لا بأس بروايته هذه، وهو القول العدل في خصيف. والله أعلم.
وأشار إلى هذه الرواية ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية [ص250].
وقال:)) وهذا التفسير تلقاه عن ابن عباس الضحاك والسدي وقتادة. فقال سعيد عن قتادة: يتفطرن من فوقهن، قال: من عظمة الله وجلاله. وقال السدي: تشقق بالله ((.
* ويشهد له قول ابن عباس في تفسير قوله تعالى: {السماء منفطر به} قال:)) ممتلىء به ((.
وقال عكرمة:)) مثقلة به ((وعن قتادة:)) مثقل به ((وعن الحسن:)) مثقلة به موقرة ((.
وهذه الآثار أخرجها الإمام عبد الله في السنة [ص 457 - 458] وابن جرير الطبري [29/ 138] وإسناد بعضها صحيح.
قال ابن القيم:
وبسورة الشورى وفي مزمل
في ذكر تفطير السماء فيمن يرد
لم يسمح المتأخرون بنقله
بل قاله المتقدمون فوارس الـ
ومحمد بن جرير الطبري في
سر عظيم شأنه ذو شان
علماً به فهو القريب الداني
جبناً وضعفاً عنه في الإيمان
إسلام هم أمراء هذا الشأن
تفسيره حكيت به القولان
* ويشهد له قول خالد بن معدان:)) إن الرحمن سبحانه وتعالى ليثقل على حملة العرش من أول النهار إذا قام المشركون، حتى إذا قام المسبحون خفف عن حملة العرش ((.
أخرجه الإمام عبد الله في "السنة" () بإسناده عن عبدة بنت خالد عن أبيها. وعبدة هذه هي أم عبد الله، ذكرها الجوزجاني في أحوال الرجال [168] وقال:)) أحاديثها منكرة جداً ((، وباقي الإسناد رجاله ثقات.
* ويشهد له كذلك قول كعب الأحبار للرجل الذي سأله عن الجبار فقال:)) أخبرك أن الله خلق سبع سموات ... ((إلى أن قال:)) ثم رفع العرش فاستوى عليه، فما في السموات سماء إلا لها أطيط كأطيط الرحل العلافي () أول ما يرتحل من ثقل الجبار فوقهن ((.
رواه الدارمي في الرد على الجهمية [ص59] وأبو الشيخ في العظمة [2/ 610] من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن كعب الأحبار.
وصحح ابن القيم إسناده في الجيوش الإسلامية [ص259] وقال الذهبي في العلو [121]: إسناده نظيف، وأبو صالح لينوه، وما هو بمتهم، بل سيء الإتقان.
قال سمير: وهذه الآثار تقوي الحديث المذكور، وحسبك احتجاج أئمة السلف بها على الجهمية وتقريرهم لها في كتبهم ومصنفاتهم.
وهب أن الشيخ القحطاني لم يطلع عليها، أو لم تثبت عنده، فكان الأجدر أن يمر الحديث كما جاء، أو يكتفي بالحكم على إسناده، إن كان أهلاً لذاك، ويدع الكلام على متنه، لكنه حكم عليه بالنكارة، ثم زاد الطين بلة، بتعليله العليل لذلك الحكم الجائر، فقال:)) لأن هذا دخول في كيفية صفات الله، ومذهب السلف الصحيح عدم الدخول في الكيفية ((.
قال سمير: قد تكرر منه مثل هذا التعليل، في تعليقاته على آثار كتاب "السنة" كما رأيت، والجواب على ذلك من وجهين:
الأول: أن الأطيط الوارد في الحديث إنما هو صفة للعرش، وقد نقل الشيخ نفسه قول الذهبي:)) ليس للأطيط مدخل في الصفات أبداً ()، بل هو كاهتزاز العرش لموت سعد .... (([1/ 303]، فهل يرى الشيخ أن العرش لا يكيف أيضاً؟ !
¥