مر معنا من قبل أمثلة على تضعيف الرواة الثقات أو تجاهلهم، وطعن الشيخ في مروياتهم، وهو إما أن يصرح بالضعف، أو يكتفي بالإشارة إليه، كقوله:)) في إسناده فلان مدلس، أو يخطئ كثيراً، أو سيء الحفظ ((، أو نحوها من العبارات التي يقصد منها توهين الإسناد وتضعيفه، يؤكد ذلك أنه لو صح عنده الأثر يصرح به. وإليك أمثلة من ذلك سوى ما تقدم:
[1]- ص 594 قال الإمام عبد الله: حدثني أبي نا وكيع نا هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول:)) اللهم إني أعوذ بك من عذاب النار وفتنة النار وفتنة القبر وعذاب القبر ... ((الحديث.
قال الشيخ:)) إسناده ضعيف. هشام: هو ابن زياد بن أبي يزيد أبو المقدام. متروك. روى عن أبيه وعنه وكيع ((.
قال سمير: كلا، بل الحديث صحيح وقد اتفق عليه الشيخان، فأخرجاه من هذا الطريق، فالبخاري رواه في صحيحه [11/ 181] عن يحيى بن موسى قال: حدثنا وكيع به، ومسلم رواه في صحيحه [4/ 2078] عن أبي كريب عن وكيع به. وانظر إن شئت تحفة الأشراف [12/ 213].
وهشام، الذي ضعف الشيخ به الحديث ليس هو ابن زياد الضعيف، فإن ذاك وإن روى عنه وكيع إلا أن أباه زياداً لم يرو عن عائشة.
وإنما هو هشام بن عروة بن الزبير، ومثل هذا لا يلتبس على صغار طلاب العلم.
[2]-ص 248 قال الإمام عبد الله:)) حدثني أبي نا روح بن عبادة نا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنه يسأل عن الورود فقال .... ((الخ.
قال الشيخ:)) في إسناده ابن جريج وأبو الزبير وهما مدلسان ((.
ثم قال:)) أخرجه مسلم في الإيمان [1/ 177/ح191] من طريق عبيد الله وإسحاق بن منصور كلاهما عن روح ((.
قال سمير: أرأيت الجرأة على تضعيف أحاديث الصحيحين؟ وأعجب من ذلك تعليله بتدليس ابن جريج وأبي الزبير، وهما قد صرحا بالتحديث! فاللهم غفرانك.
[3]-ص 419 قال الإمام عبد الله: حدثني أبي نا وكيع نا سفيان عن زياد بن إسماعيل المخزومي عن محمد بن عباد بن جعفر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:)) جاء مشركوا قريش إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يخاصمونه في القدر .... ((الحديث.
قال الشيخ:)) في إسناده زياد بن إسماعيل المخزومي .. صدوق سيء الحفظ ((. ثم قال:)) أخرجه مسلم في كتاب القدر [4/ 2046/ح2656] والترمذي .. وقال حديث صحيح .. ((.
قال سمير: رواه مسلم بنفس هذا الإسناد من طريق وكيع، والترمذي وصححه، ثم يضعفه الشيخ، فالله المستعان.
[4]-ص 322 قال الإمام عبد الله: حدثني أبي نا وكيع نا الأعمش عن أبي وائل قال:)) جاء رجل إلى عبد الله فقال: يا أبا عبد الرحمن ... ((الخ.
قال الشيخ:)) فيه مجهول. أخرجه الخلال .... وأبو عبيد ... وقال فيه الألباني: إسناده على شرط الشيخين .. ((.
قال سمير: الصواب قول الألباني، وليس هناك علة في الإسناد، والشيخ هداه الله يجهل أبتثيات العلم ثم يخوض فيه خوض الكبار! أين الجهالة؟ الرجل المجهول لا علاقة له بالإسناد، وأبو وائل لم يرو عنه.
قال الإمام المعلمي في التنكيل [1/ 218]:)) والأستاذ -يعني الكوثري- يعد قول الراوي)) قيل لفلان ((أو)) سئل فلان ((منقطعاً للجهل بالقائل أو السائل، وقد رددت عليه ذلك في القواعد وغيرها ((.
[5]-ص 205 قال الإمام عبد الله: حدثني إبراهيم بن سعيد ثنا محمد بن بشر وأبو أسامة قالا:)) مر رجل على رقبة قال: من أين أقبلت؟ قال: من عند أبي حنيفة. قال يمكنك من رأي ما مضغت وترجع إلى أهلك بغير ثقة)).
قال الشيخ:)) في إسناده مجهول ((.
قال سمير: رجال الإسناد كلهم ثقات، وهو كسابقه، ولو جرينا على هذه القاعدة لضعفنا جملة من أحاديث الصحيحين، ولكان قول الصحابي مثلاً:)) جاء يهودي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ((يعد من مسند اليهودي لا من مسند الصحابي!
تنبيه: وقع في العبارة تصحيف، لعل سببه الطابع، وهو قوله:)) وترجع إلى أهلك بغير ثقة ((والصواب:)) بغير فقه ((، كما في ضعفاء العقيلي [4/ 284].
[6]-ص 210 روى الإمام عبد الله عن أحمد القطان قال حدثنا يحيى بن آدم حدثنا شريك وحسن بن صالح)) أنهما شهدا أبا حنيفة ... ((الخ.
قال الشيخ:)) في إسناده شريك صدوق يخطيء كثيراً ((.
¥