تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولله الحمد.

ولما كان الناس يختلفون في مقدار فهمهم وحفظهم وأدائهم لما فهموه وحفظوه، منهم من يحفظ الصفحات الطوال عن ظهر قلب حتى إذا أملاها لم ينقص منها حرفا ولم يزد، ومنهم من يحفظ الثلاث أسطر بالكاد وإذا أملاها من حفظه أخطأ في نصفها، وهذا لا ينكره إلا مكابر عنيد، هذا هو الأمر الأول.

والأمر الثاني هو ظهور الفتن والاتجاهات والجماعات واختلاط الأمور على كثير من الناس، وانتصار هذه الطوائف بأحاديث تؤيد ما هم عليه، بل إن بعضهم وضع الحديث عمدا لنصرة العقيدة أو الجماعة أو المذهب!!! فالأمرين معا كانا خطرا داهما على الشريعة المطهرة، فأخرج سبحانه وتعالى جهابذة تخصصوا في هذا الفن، وهبوا أعمارهم لسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، تركوا الفراش والزوجة والمال والولد وجابوا البلاد والصحاري والقرى بحثا عن حديثه صلى الله عليه وسلم، ما ألفاظه؟ من الذي رواه؟ هل شاركه فيه أحد؟ هل هو متهم؟ هل هو حافظ؟ هل. . .؟ هل. . .؟. . .

من هؤلاء الأفذاذ رحمهم الله: عمرو بن دينار، محمد بن سيرين، قتادة، أبو إسحاق السبيعي، ابن عيينة، الأعمش، شعبة، الثوري، مالك، القطان، ابن المبارك، أحمد، ابن معين، ابن المديني، البخاري، مسلم، النسائي، الترمذي، أبو داود، أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان، الدار قطني، أسكنهم الله الجنات، آمين. . .

قنعوا بمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ومبلغا ومبينا فاستغنوا به عن غيره، إذا مسح رأسه لم يقولوا: ربما كان كذا، أو من المحتمل كذا بل سمعوا وأطاعوا فمسحوا رؤسهم ولسان حالهم يقول: " سمعنا وأطعنا "، لم يسألوا: هذا المسح ركن أم فرض؟ هل هو واجب أم سنة مؤكدة أم هو مستحب؟ لم يسألوا: هذا حديث متواتر أم آحاد، ظني أم يقيني؟!!! فقط مسحوا رؤسهم، لهم قدوة في الأصحاب الكرام كما في الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من ذهب، فاتخذ الناس خواتيم من ذهب، فقال: لبست خاتما من ذهب فطرحه فطرح الناس خواتيمهم.

في المرة الأولى لم يسألوه هل هو فرض. . أم واجب. . . أم مستحب؟ لم يسألوا. . . بل فعلوا ما فعله صلى الله عليه وسلم.

وكذا في المرة الثانية لم يسألوه هل هو حرام؟ أم مكروه؟ أم من يفعله يخلد في النار؟ لم يسألوا. . . فقط فعلوا ما فعل وتركوا ما ترك صلى الله عليه وسلم.

هكذا يكون الاتباع، أما ما نحن فيه الآن فهو انتقاء وليس اتباع. فعلم الحديث علم شريف لا يحسنه بعد جيل الرواد إلا الأفراد من الأمة، وهذا العلم الشريف هو عمدة العلوم كلها من لم يتقنه بعلومه العديدة سار كالأعمى يعمل دليلا أو كالأعرج يحترف سباق مائة متر عدوا!!! ومن أصعب مباحث هذا العلم الشريف بل هو أصعبها على الإطلاق هو مبحث الحديث الحسن بشقيه. ولما كان هذا القسم من الحديث عليه مدار كثير من الأحكام الفقهية والأبحاث الأصولية والتفسيرية كان من الأهمية بمكان أن نعيد بحثه بتوسع في هذا البحث خاصة وأن هناك فريقا يطرحه بشقيه من مرتبة الاحتجاج.

فرأينا أن نقتل الأمر بحثا بغية الوصول إلى الصواب سائلين الله عز وجل أن يجعلنا من الذابين عن سنة محمد الأمين صلى الله عليه وسلم.

المؤلفان

السبت 27 يوليو 2002

المبحث الأول: دراسة تعريفات الحسن

لفظة الحسن من الألفاظ التي تواترت عن أئمة الحديث منذ القدم، فتراها في كلام علي بن المديني و أحمد والبخاري والترمذي وأبو حاتم وغيرهم من أئمة الحديث رحمهم الله وتكرار هذه الكلمة على ألسنتهم بهذا الكم يدل على أن الحديث الحسن له أصل عندهم و إلا لم يكن لذكر هذه اللفظة معنى، وهذا المعنى من المؤكد أنه ليس الصحيح أو الضعيف إذا أنهما اصطلاحان قائمان بذاتهما.

قال ابن تيمية رحمه الله: والترمذي أول من حد هذا النوع بحد.

وهذا الكلام عندنا منتقد من أوجه:

أ - أن هذه الكلمة ذكرت كثيرا على ألسنة شيوخ الترمذي وشيوخ شيوخه وذلك قبل وضع الترمذي لهذا الحد.

ب - أن ذكر هذه الكلمة على ألسنة أئمة هذا الفن يعني أن لها مدلول ومعنى عندهم، وهذا المعنى موجود من قبل الترمذي.

ج - لو لم يكن لها مدلول ثابت ومعين عند أئمة هذا الفن قبل الترمذي لكان استخدامهم لها بهذه الكثرة تخبط وعشوائية علت مداركهم وهممهم عنها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير