تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وتلك سنة الله في خلقه وناموسه في قيام الأمم والحضارات وتحولها وسقوطها. وكل الدعوات التي حاولت أن تنال من الثوابت الإسلامية، كالبابية، والبهائية، والقاديانية والقرمطية فقد تحطمت لأنها مخالفة لمنهج الله وستذهب (الحداثة) وتدوسها الأقدام قبل أن يعرف دعاتها من أين أتتهم الجائحة (فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا) الحشر: 2. مهما بلغ ارتفاع اسمهم فهو إلى انحسار ومهما انتشر فكرهم فهو إلى زوال.

ومقطع الرأي في (الحداثة) أنها

أولاً: ردة إلى طفولة البشرية وهجوم مستتر على الفصحى لغة القرآن بهدف تدمير منظومة البيان العربي التي عرفها العالم منذ أربعة عشر قرناً والمنسابة في جيمع كتابات العلماء والمؤرخين والفقهاء والتي تقوم على فقه اللغة والبيان والتحقيق التاريخي الذي استمده المسلمون من علم الحديث النبوي.

ثانياً: تهدف إلى تقويض المنزع الحقيقي للأدب العربي المرتبط بالقرآن الكريم والسنة، كما تنزع إلى إغراقنا في مذاهب تجريدية والرموز والدادائية والسريالية.

وقد وصفه الدكتور مصطفى بدوي بأن (الفن الذي استجاب لما حل بأوروبا من اضطراب شامل وكان نتيجة لانعدام اليقين والتجديد المعلن، إنه الفن الوحيد الذي يصلح لانهيار العقل ولما صارت المدنية إليه من دمار إبان الحرب العالمية الأولى، إنه في المجون والترف: دارون وماركس وفرويد، جاء بعد القضاء على الحقائق العامة المشتركة وعلى أفكارنا التقليدية عن العلية، وبعد اندثار الآراء المتوارثة عن وحدة الشخصية الفردية فأين نحن العرب من هذه الأشياء؟!

إن (المودرنزم) حركة أوروبية ليست مقصورة على دولة واحدة من دول الغرب، وهي شديدة الصلة بتأريخ أوروبا السياسي ومرتبطة بفقدان الإيمان الديني وهي تطوير للرومانتيكية والرمزية والواقعية بل ظهر ما يسمى بما (بعد المودرنزم).

وهذا يختلف تماماً عن طوابع الأدب العربي العميقة الصلة بالقيم الأساسية من الدين والأخلاق.

وإذا كانت هذه الدعوة المدعاة قد وجدت من بعض القوى ما يفتح لها الطريق، فإن هذا البريق الهلامي سوف لا يثبت تحت ضوء الشمس، وقد انهزم شعراء الحداثة في المواجهة، وتراجعوا في أكثر من موقع، وحاولوا أن يغيروا خططهم. وقالوا إن شعر الحداثة يقرأ ولا يلقى، وعجز أصحاب الحداثة عن بيان ما في نفوسهم فادعوا أنهم طلاب غموض، وقد رفضهم المثقفون، واتهموهم وانقطعت الجسور بينهم وبين الأدب الأصيل.

إن هذه الدعوة وافدة وليست لها جذور، وهي كالنبت الغريب الذي يوضع في الأرض فلا ينبت، وقد رفض الجسم الإسلامي العضو الغريب في محاولات كثيرة سابقة، وفي هذه المحاولة يرفض بحسم التغريب ويرفض ما وراءه من أهواء ومن أهداف ومطامح، لم تعد خافية على أحد.

منار الإسلام

ربيع الأول 1406هـ

الرابط:

http://anwaralgendi.com/essay.htm

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير