تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد أخذ ابن الفرضي من خالد بن سعد معلومات كثيرة، وفي قضايا مختلفة، لكن الغالب منها كان يتعلق بالسير والرحلات العلمية، أو السماع والشيوخ ([207])، وهذا مما يدل على أن هذا المصدر كان مهتما بهذا الجانب، وأن مؤلفه قد أولى تلك القضايا عناية خاصة، ولهذا جاء حديثه عنها مهما لابن الفرضي. ومع أن ابن الفرضي قد عد كتابات خالد بن سعد من مصادره المهمة، إلا أنه لم يكن يُسلم بكل ما ذكره، بل ربما رد أقواله، ومن ذلك أن خالد بن سعد قد حكم على سعيد بن جابر الأشبيلي بالكذب لكن ابن الفرضي لما ذكر هذا القول قال: (لم يكن سعيد بن جابر - إن شاء الله - كما قال خالد، فقد رأيت أصول أسمعته، ووقع إليّ كثير منها، فرأيتها تدل على تحري الرواية، وورع في السماع وصدق) ([208])، ولم يكتف بذلك، بل ساق أدلة أخرى ومنها قوله: (وقد حدثني العباس بن أصبغ قال: سمعت محمد بن قاسم يثني على سعيد بن جابر ويقول: كان صاحبنا عند النسائي ووصفه بالصدق) ([209]).

3. أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يحيى بن مفرج القاضي من شيوخ ابن الفرضي الذين أكثر عنهم، سمع بقرطبة من قاسم بن أصبغ ومحمد بن عبد الله بن دليم، والخشني وغيرهم، رحل إلى المشرق سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة فسمع بمكة، والمدينة النبوية، وجدة، واليمن، وعدن، ثم دخل الشام فسمع ببيت المقدس وغيرها من مدن الشام، ثم عاد إلى الأندلس سنة خمس وأربعين فاتصل بأمير المؤمنين المستنصر بالله حيث ألف له عددا من الدواوين، كما استقضاه على أستجه، ثم ريه ([210])، وقد ذكر ابن الفرضي أن عدد الشيوخ الذين لقيهم أبو عبد الله بن مفرج وروى عنهم في جميع الأمصار التي دخلها مع ما كتب عنه بالأندلس مئتا شيخ وشيخا، توفي - رحمه الله تعالى - ليلة الجمعة لأحدى عشرة ليلة خلت من رجب سنة ثمانين وثلاثمائة ([211]).

ذكر ابن الفرضي أنه أفاد من ابن مفرج في كتاب مختصر كان قد جمعه للإمام المستنصر بالله ([212]) - رحمه الله - وقد أشار إلى ذلك الذهبي ([213])،،ومما أهله لأن يأخذ منه ابن الفرضي كثيرا كونه عالما بالرجال وأحوالهم ([214])، قال عنه الحميدي: (القاضي أبو عبد الله …حافظ جليل مصنف) ([215])، كما وصفه أبو عمر أحمد بن محمد بن عفيف بأنه من (أعنى الناس بالعلم، وأحفظهم للحديث، ما رأيت مثله في هذا الفن) ([216])، وبالإضافة إلى ذلك فقد ذكر الذهبي أن له مصنفات في الفقه وفقه التابعين، حيث صنف كتابا في فقه الحسن البصري في سبع مجلدات، وفقه الزهري في عدة أجزاء، كما جمع مسند قاسم بن أصبغ في مجلدات ([217]) ولم تكن إفادة ابن الفرضى قاصرة على هذه المؤلفات، بل أفاد منه عن طريق السماع مدة طويلة، يقول عن ذلك: (وآليت الاختلاف إليه، والسماع منه من سنة ست وستين إلى أن اعتل علته التي توفي بها سنة 380 هـ وأجاز لي جميع ما رواه غير مرة وكتب لي ذلك بخطه ولأخي) ([218]).

هكذا تعددت طرق أخذ ابن الفرضي من أبي عبد الله محمد بن أحمد بن مفرج، والذي يهمنا هنا ما أخذه عنه بواسطة كتبه ومؤلفاته التي أجازها له حيث وضح ذلك بقوله: (ذكره محمد بن أحمد في كتابه، أو كذا وجدته بخطه، أو من كتاب محمد بن أحمد، أوفي كتاب محمد بن أحمد وغيرها من العبارات التي تدل على أخذه من مؤلفاته مباشرة، ويبدو أن تلك المؤلفات كانت كبيرة غزيرة المعلومات، ولهذا جاءت إفادته منها متنوعة وشاملة لمعظم جوانب سير الرجال، حيث أفاد منه فيما يتعلق بالسير العلمية والشيوخ ([219]) والمولد ([220]) والوفاة ([221]) والنظم والجوانب الحضارية ([222]) والصفات الذاتية والأخلاق ([223]) والأنساب ([224]) والرحلات والأسفار ([225])، وكان أحيانا يجمع بين قوله له مشافهة وما كتبه من مؤلفاته، ويوضح ذلك بقوله: قاله محمد، أو وجدت ذلك بخطه ([226]).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير