ومن شبههم أيضا قولهم أن الحديث الضعيف اذا روي من عدة طرق فان هذا يدل علي أن له أصلا فليس من المعقول أن يخطىء كل هؤلاء.
شبهة قوية دخلت حتى علي بعض المنتسبين للعلم.
وقد سبق وتكلمنا في مبحث كيف توثق الرواة وتضعف بكلام جيد ولله الحمد فأغني عن تكراره هنا ولكن سنضرب مثالا واحدا لمزيد من التبيين.
سنذكر طريقين من طرق حديث مشهور صححه البعض وأعله وضعفه البعض ولن
وله حوالي تسع طرق فيما اعلم وبعض هذه الطرق يروي من غير وجه وسنبين أن الطريقان علامة جلية علي ضعف الحديث وليس صحته.
الطريق الأول: مسعود بن محمد الرملي عن عمران بن هارون عن مسلمة بن علي عن أبي عبد الله الحمصى عن نافع عن ابن عمر عن النبى صلي الله عليه وسلم.
الطريق الثانى: عبد الله بن ابراهيم عن محمد بن عاصم عن يحيي بن شبيب عن الثوري عن حميد عن أنس عن النبى صلي الله عليه وسلم.
والحديث له طرق أخري من طريق أبي هريرة وابن عباس وجابر وثوبان وأبي أيوب وغنام الأنصاري.
فلو رأي واحد منهم أعنى المصابون بمرض تعدد الطرق هذه الطرق والأوجه لحكم بتواتر الحديث ربما من غير أن ينظر في أسانيده،
أما نحن ولله المن والفضل فلا نقلد في هذا احدا وان جاز لنا التقليد قلدنا متقدما راسخا أو متأخرا علي درب المتقدمين، ولننظر الي السند الأول: ابن عمر صحابي مكثر جدا ونافع مكثر جدا عنه، ونافع حدث عنه من الثقات الأثبات الزهري وأيوب وعبيد الله وابن عون وابن جريج والأوزاعي ومالك وعقيل والليث وخلق كثير كلهم لم يرو هذا عن نافع حتي أتى أبو عبد الله الحمصى فرواه، ولم يروه عنه الا مسلمة بن علي.
ومسلمة هذا قال عنه النسائي رحمه: متروك"الضعفاء والمتروكون للنسائى 570".
وراجع كلام الداراقطنى وابن عدي وابن معين وغيرهم فيه.
فهل يمكن أن يكون هذا الحديث رواه نافع بأي حال من الأحوال؟
أين مالك؟ أين الزهري؟ أين عقيل؟ أين الأوزاعي؟ أين عبيد الله؟ أين ابن عون؟ أين الحفاظ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فهذا دليل علي أن هذا وهم بلا ريب من الحمصي من مسلمة؟ لا يهم المهم أننا نجزم أن نافعا لم يقل هذا.
أما الطريق الثانى طريق أنس فهو أعجب وأعجب، فأنس رضى الله عنه يروي عنه مئات منهم حميد،وحميد يروي عنه مئات منهم الثوري، والثوري العلم يتفرد عنه يحيي بن شبيب بهذا !!
هل يحيي هذا حافظ؟ هل هو متقن؟ هل هو ثبت؟
لننظر لنري….
قال ابن حبان في المجروحين: حدث بالبصرة يروي عن الثوري ما لم يحدث به قط لا يجوز الأحتجاج به بحال.
فهل الطريقان يقوي بعضهم بعضا؟
كان من المفترض أن يروي الطريق الأول عن نافع علي الأقل من أوجه كثيرة، وكذا الثانى بالنسبة لحميد علي الأقل أو الثوري، فالطريق الثاني يزيد الأول وهنا علي وهن وضعفا علي ضعف
والعجب أن هذا الحديث يروي من تسع طرق عن تسع صحابة ولم يصل الينا من طريق واحد صحيح!!
أليس هذا أمرا عجيبا؟؟
فكم من حديث لم يسمعه الا صحابي واحد وبلغنا بطريق صحيح،وكلما زادت طرق الحديث وتشعبت دل هذا علي أنه ليس له أصل صحيح طالما لم يأت من طريق واحد صحيح ليس فيه مطعن.
ومن حججهم الواهية أيضا قولهم اذا لم نأخذ بالحسن فاننا سنعطل باب كذا وكذا،نقول وكذا اذا لم نأخذ بالضعيف فهل هذه حجة علي الأخذ بالضعيف؟
ولنشرع في ترتيب حججنا في عدم الأحتجاج بما يسمى بالحديث الحسن عند المتأخرين بعد أن ذكرنا هذه الحجج متفرقة في هذا البحث:
أ - الحديث الحسن بمعناه عند المتأخرين لم يكن معروفا عند المتقدمين الراسخين في العلم.
ب - الحسن عندهم انما يعنون به الحديث الغير مطروح أي الذي يكتب وقد قدمنا لهذا وهو يحل جميع اصطلاحات الترمذى التى أشكلت من قبل.
ج-الأسلوب العلمى للتوثيق والتضعيف يظهر وبوضوح أن الأحتجاج بأفراد الراوي خفيف الضبط عمل غير مقبول"وهو الحسن لذاته"لأن هذا الراوي كما قدمنا حديثه ثلاثة أقسام قسم موافق للثقات وقسم مخالف للثقات وقسم تفرد به وهو دليل علي أنه وهم.
د-كلما زادت طرق الحديث ولم يأتى من طريق واحد صحيح دل هذا علي عدم وجود أصل صحيح لهذا الحديث.
ه-غياب علم هذه الأحاديث التى لا تروي الا من طريق الضعفاء و كثيري الخطاء عن الحفاظ الأثبات يثير التساؤل؟؟ لم غابت هذه الأحاديث عنهم؟؟؟؟؟؟؟
و-الحديث الحسن عند المتأخرين ليس له حتى وقتنا هذا تعريف محدد بقيود محددة وهذه هى القاصمة بالنسبة له.
¥