تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أن رسول الله ? علم هذا الصحابي كيف يصلي فقال له: (إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم إقرأ ما تيسر معك من القرآن) ولم يأمره بقراءة دعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام فدل ذلك على عدم سنيته.

المطلب الثالث:الجمع بين صيغ أدعية الاستفتاح في وقت واحد،

وهو مذهب الشافعي، (1) وقول أبي يوسف وغيره من الحنفية، (2) وابن هبيرة الوزير وابن تيمية من الحنابلة، (3)

واستدلوا على ذلك بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة قال: (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين …) (4)

قال النووي: قال جماعة من أصحابنا: منهم أبو إسحاق المروزي والقاضي أبو حامد: السنة أن يقول سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، ثم يقول بعده وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين …، قال وإن كان إماماً لم يزد على قوله (وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً …) وإن كان منفرداً أو إماماً لقوم محصورين لا يتوقعون من يلحق بهم ورضوا بالتطويل استوفى حديث علي كاملاً ويستحب معه حديث أبي هريرة رضي الله عنه (1) قلت ولفظ حديث أبي هريرة (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس (1)،

اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج (2) والماء والبرد) (3)، (4)،

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: رحمه الله في كتابه قاعدة في أنواع الاستفتاح أفضل أنواع الإستفتاحات ما كان ثناء محضاً، مثل سبحانك الله وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، وقوله، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، لكن ذاك فيه من الثناء ما ليس في هذا فإنه تضمن ذكر الباقيات الصالحات التي هي أفضل الكلام بعد القرآن، وتضمن قوله، تبارك اسمك، وتعالى جدك، وهما من القرآن أيضاً، وبعده النوع الثاني، وهو الخبر عن عبادة العبد، كقوله، وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إلى آخره، وهو يتضمن هذا النوع، ويتضمن الدعاء، وإن استفتح العبد بهذا بعد ذاك فقد جمع بين الأنواع الثلاثة، وهو أفضل الإستفتاحات كما جاء ذلك في حديث مصرِّحاً، (1) وهو اختيار أبي يوسف وابن هبيرة الوزير من أصحاب أحمد، صاحب الإفصاح، وهكذا أستفتح أنا، (2) وقال في مجموع الفتاوى: النوع المفضول من دعاء الاستفتاح مثل حديث أبي هريرة، (1)

قلت بل حديث أبي هريرة هو أصحها لأنه متفق عليه، وكان يقوله صلى الله عليه وسلم في الفريضة، وغيره من الصيغ كلها واردة في قيام الليل وإن كان بعضها ورد أيضاً في الفريضة، ولا يوجد منها خاص بالفريضة ولم يرد في قيام الليل إلا حديث أبي هريرة،

قلت: ورُوي أيضاً الجمع بين سبحانك اللهم وبحمدك وبين وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض من حديث علي بن أبي طالب ولكنه حديث موضوع، (2)

ولا شك أن الجمع بين كل هذه الصيغ الأصل فيه الجواز لاسيما وقد ثبت ذلك من حديث جابر المتقدم، ولأن هذه الصيغ كلها واردة في الصلاة عموماً، ولكن ينبغي أن يراعى في ذلك حالة المصلى إن كان منفرداً، أو مأموماً، وأما إذا كان إماماً فلا ينبغي له أن يجمع بينها حتى لا يشق على غيره من المأمومين، بل يقتصر على أحدها، والثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير حديث جابر هو الاقتصار على إحدى الصيغ وأولاها وأفضلها عندي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه المتفق عليه، سواء اقتصرت عليه أو أضفت له بعض الصيغ الأخرى، وذلك لكونه متفق عليه وكان يقوله صلى الله عليه وسلم في الفريضة، قطعاً، ولا يوجد في الاستفتاح حديث متفق عليه غيره، وعامة أحاديث أدعية الاستفتاح غيره وردت في قيام الليل، ووردت في الفريضة أيضاً،

المناقشة والترجيح:

بعد النظر في أدلة أصحاب الأقوال الثلاثة تبيَّن لي ما يأتي:

الأول: أن أصحاب القول الأول والثاني استدلوا بأدلة صحيحة صريحة وهي نص في محل النزاع لا تقبل أية احتمال.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير