قال أبو عمر ابن عبد البر: ممكن أن يكون هذا قبل الإباحة وتوقى ذلك للنساء المتجالات أحب إلي فأما الشواب فلا تؤمن الفتنة عليهن وبهن حيث
خرجن ولا شيء للمرأة أفضل من لزوم قعر بيتها ().
وقال الحاكم: وهذه الأحاديث المروية في النهي عن زيارة القبور منسوخة والناسخ لها حديث علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه عن النبي ? قد كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها ().
وقال الحاكم أيضاً: عقب رواية زيارة فاطمة رضي الله عنها لقبر عمها حمزة ?: وقد استقصيت في الحث على زيارة القبور تحرياً للمشاركة في الترغيب وليعلم الشحيح بذنبه أنها سنة مسنونة وصلى الله على محمد وآله أجمعين ()
قلت: وقد رويت زيارة قبر النبي ? وصاحبيه عن جماعة من الصحابة:
قال الشوكاني: وقد رويت زيارته ? عن جماعة من الصحابة منهم بلال عند ابن عساكر بسند جيد وابن عمر عند مالك في الموطأ وأبو أيوب عند أحمد وأنس ذكره عياض في الشفاء وعمر عند البزار وعلي عليه السلام عند الدارقطني وغير هؤلاء ولكنه لم ينقل عن أحد منهم أنه شد الرحل لذلك إلا عن بلال لأنه روى عنه أنه رأى النبي ? وهو بدارياً يقول له ما هذه الجفوة يا بلال أما آن لك أن تزورني روى ذلك ابن عساكر ().
وقال النووي: اعلم أن زيارة قبر رسول الله ? من أهم القربات وأنجح المساعي ().
وقال الحافظ ابن حجر: الإجماع على مشروعية زيارة قبر النبي ? وما نقل عن مالك أنه كره أن يقول: زرت قبر النبي ? وقد أجاب عنه المحققون من أصحابه بأنه كره اللفظ أدباً لا أصل الزيارة فإنها من أفضل الأعمال وأجل القربات الموصلة إلى ذي الجلال وأن مشروعيتها محل إجماع بلا نزاع والله الهادي إلى الصواب ().
استدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
الدليل الأول:
عن أبي هريرة ? أن رسول الله ? لعن زوارات القبور ().
الدليل الثاني:
عن ابن عباس ? قال: لعن رسول الله ? زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج ().
الدليل الثالث:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص ? أن رسول الله ? أبصر امرأة منصرفة من جنازة فسألها من أين جئت؟ فقالت: من تعزية أهل هذا الميت فقال رسول الله ?: لعلك بلغت معهم الكدى قالت: معاذ الله أن أكون بلغتها وقد سمعتك تذكر في ذلك ما تذكر فقال: لو بلغتها معهم ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك ().
الدليل الرابع:
عن أم عطية رضي الله عنها قالت: نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا ().
الدليل الخامس:
عن علي ? قال: خرج رسول الله ? فإذا نسوة جلوس فقال: ما يجلسكن؟ قلن ننتظر الجنازة قال: هل تغسلن؟ قلن لا قال: هل تحملن؟ قلن لا قال: هل تدلين فيمن يدلي؟ قلن لا قال: فارجعن مأزورات غير مأجورات ().
وجه الدلالة:
دلت هذه الأحاديث على نهي النساء عن زيارة القبور واتباع الجنائز.
قال الترمذي: قال بعضهم: إنما كره زيارة القبور للنساء لقلة صبرهن وكثرة جزعهن (). وقال ابن عبد البر: قال آخرون: إنما ورد النسخ في زيارة القبور للنساء لا للرجال لأن رسول الله ? لعن زوارات القبور، ونحن على يقين من تحريم زيارة النساء للقبور بذلك ولسنا على يقين من الإباحة لهن لأنه ممكن أن تكون الزيارة أبيحت للرجال دونهن للقصد في ذلك باللعن إليهن ().
وقال الشوكاني: ويجمع بين الأدلة بأن المنع لمن كانت تفعل في الزيارة ما لا يجوز من نوح وغيره والإذن لمن لم تفعل ذلك ().
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: وإذا قيل مفسدة الاتباع للجنائز أعظم من مفسدة الزيارة لأن المصيبة حديثة وفي ذلك أذى للميت وفتنة للحى بأصواتهن وصورهن قيل ومطلق الاتباع أعظم من مصلحة الزيارة لأن في ذلك الصلاة عليه التى هي أعظم من مجرد الدعاء ولأن المقصود بالاتباع الحمل والدفن والصلاة فرض على الكفاية وليس شيء من الزيارة فرضاً على الكفاية وذلك الفرض يشترك فيه الرجال والنساء بحيث لو مات رجل وليس عنده إلا نساء لكان حمله ودفنه والصلاة عليه فرضاً عليهن وفى تغسيلهن للرجال نزاع وتفصيل وكذلك إذا تعذر غسل الميت هل ييمم فيه نزاع معروف وهو قولان فى مذهب أحمد وغيره فإذا كان النساء منهيات عما جنسه فرض على الكفاية ومصلحته أعظم إذا قام به الرجال فما ليس بفرض على أحد أولى، وقول القائل مفسدة التشييع أعظم ممنوع بل إذا رخص للمرأة فى
¥