والخطوة الثانية: حاول بالبديل كقنوات المجد أو أشرطة الفيديو فإن لم تستطع؛ فاحرص على ألا يكون مفتوحاً حال وجودك ووجود ذريتك على الأقل مراعاة واحتراماً لخصوصياتك، وبيّن لهم أن وجود الطبق يقلل من جلوسك معهم.
الخطوة الثالثة: حصن ذريتك من شرور هذا الطبق، واعلم أنه ليس هو المشكلة الوحيدة التي تعوق صلاح الذرية، لا سيما في هذا الزمن فهناك ما هو أخطر منه وأقوى مفعولاً، ويكون التحصين بطريقين:
أحدهما: أن يعرف ابنك الشر والخطر، ويكون لديه مراقبة ذاتية ودافع شخصي للنفور من كل الشرور، فلا يكفي أن أغلق عيني ولدي عن رؤية الحرام، بل يجب أن أعوّده مثلاً على غض البصر، وإنكار المنكر بالحسنى، وإغلاق أصوات المزامير وغيرها، فينشأ وفي ذاته بغض داخلي للمنكرات فلا تتشربها نفسه، بل حتى لو وقع في شيء منها أو زل فإنه يعرف أنه على خطأ، وأن وضعه غير صحي فسرعان ما يؤوب ويعود.
وثانيهما: (وهو الأهم) أن تستخدم أسلوب الهجوم، وخير وسيلة للدفاع هي الهجوم، حيث تقدم لأبنائك برامج تربوية نافعة وقوية، لا تهدمها رؤية راقصة في لحظة واحدة، ويمكنك الاستفادة من البرامج العامة في المجتمع كحلقات ومدارس تحفيظ القرآن، وتشركه برفقة صالحة، ولا تنس أن تعقد صداقة متينة مع أبنائك يبوحون لك من خلالها بهمومهم ومشاكلهم بدلاً من البوح للآخرين، واحرص أيضاً على الرقي بمستوى والدتهم تربوياً.
وفي النهاية عليك بالدعاء لذريتك بالصلاح والهداية، أكثر منه ولا تغفله فالدعاء سلاح المؤمن.
أصلح الله لك النية والذرية
وجعل أبناءك قرة عين لكما
ومباركين أينما كانوا
كيف أصبح أباً ناجحاً؟
للإجابة على سؤال كهذا نجد أنفسنا في حاجة إلى الوقوف عند عدة محاور هامة كالتالي:
أولاً: الفعل قبل القول ..
لأهمية عنصر القدوة في حياة الناس ولكون الإنسان بطبيعته يحتاج إلى نموذج تطبيقي حي أمامه حتى يتصور الخلق المعين والسلوك الموجه فيصدق به ويتمثله في حياته، أرسل الله _تعالى_ المرسلين وأمرنا بالاقتداء بهم فقال _سبحانه_: " أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده " وقال عن النبي _صلى الله عليه وسلم_: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ... "
فالناظر المتفحص لأحوال الآباء وأساليبهم ليدرك كم هو مقدار ذلك البون الشاسع بين المرجو والواقع وبين الأمل والحال
إن الفعل أبلغ من القول، وفعل رجل في ألف رجل خير من قول ألف رجل في رجل، فالقول والعمل أهم من القول المجرد .. وكثير من يتكلم ولكن قليل من يفعل
يقول في منهج التربية الإسلامية: " القدوة الصالحة من أعظم المعينات على تكوين العادات الطيبة حتى إنها لتيسر معظم الجهد في كثير من الحالات ذلك أن الابن يحب المحاكاة من تلقاء نفسه وأطفال المسلمين يحاكون أبويهم في الصلاة حتى قبل أن يتعلموا النطق ويصبح تعويدهم عليها أمراً سهلاً في الموعد المحدد"
ولعل من بركة توجيهاته _صلى الله عليه وسلم_ لصلاة النوافل في البيوت وألا يجعلها الناس قبوراً فضل كبير الأثر في إقتداء الأولاد بذلك، فقد روى أبو داود أن الرسول _صلى الله عليه وسلم_ قال: "خير صلاة الرجل في بيته إلا الصلاة المكتوبة" وقال: " تطوع الرجل في بيته يزيد عن تطوعه عند الناس كفضل صلاة الرجل في جماعة على صلاته وحده " صحيح الجامع.
والأبناء في استقائهم الخلق وتشربهم بالسلوك لا يقنعون بالظاهر منها فحسب، بل يتعدون ذلك إلى مستويات أعمق بكثير مما يظن الآباء ..
فالأب يعيش في بيته على طبيعته بغير تكلف، وهو الأمر الذي يجعله يتصرف بما وقر في حقيقته وداخليته والولد يقلد أباه فيما رآه منه على الحقيقة لا على التكلف والأبناء يلحظون الصغير الدقيق من السلوك والأخلاق كما يلحظون كبيرها وتؤثر فيهم صغائر الأحوال كما تؤثر فيهم كبائر الوقائع.
ثانياً: رحمة الأب تولد الاستقرار النفسي لدى الابن:
الأب الناجح هو الأب الرحيم العطوف بأبنائه وأسرته الذي يمنحهم الحب والعطف والحنان ويشملهم برعايته ويحتويهم بقلبه الكبير ويشعرون معه بالسعادة والآمان
والأب القاسي هو المتسبب الأول في الأمراض النفسية لدى أبنائه والمشجع الأول على الأمراض القلبية لهم من غل وحقد وحسد وحب ذات وغيره.
¥