تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[المنتقى من جامع العلوم والحكم للحافظ ابن رجب]

ـ[الاستاذ]ــــــــ[14 - 01 - 06, 09:34 م]ـ

هذه بعض الفوائد والدرر المنتقاة من كتاب جامع العلوم والحكم , انتقيتها لإخواني في هذا الملتقى المبارك عسى الله أن ينفع لها.

أولياء الله

أولياء الله على درجتين أحدهما المقربون إليه بأداء الفرائض وهذه درجة المقتصدين أصحاب اليمين وأداء الفرائض أفضل الأعمال كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه أفضل الأعمال أداء ما افترض الله والورع عما حرم الله وصدق النية فيما عند الله تعالى وقال عمر بن عبد العزيز في خطبته أفضل العبادات أداء الفرائض واجتناب المحارم وذلك أن الله تعالى إنما افترض على عباده هذه الفرائض فيقربهم عنده ويوجب لهم رضوانه ورحمته وأعظم فرائض البدن التي تقرب إليه الصلاة كما قال تعالى واسجد واقترب العلق وقال النبي صلى الله عليه وسلم أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد وقال إذا كان أحدكم يصلي فإنما يناجي ربه وربه بينه وبين القبلة وقال إن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت ومن الفرائض المقربة إلى الله تعالى عدل الراعي في رعيته سواء كانت رعيه عامة كالحاكم أو خاصة كعدل آحاد الناس في أهله وولده كما قال صلى الله عليه وسلم كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته وفي صحيح مسلم عن عبدالله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن المقسطين عند الله على منابر من نور على يمين الرحمن وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم و أهليهم وما والوا وفي الترمذي عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أحب العباد إلى الله يوم القيامة وأدناهم إليه مجلسا إمام عادل الدرجة الثانية درجة السابقين المقربين وهم الذين تقربوا إلى الله بعد الفرائض بالاجتهاد في النوافل والطاعات والانكفاف عن دقائق المكروهات بالورع وذلك يوجب للعبد محبة الله كما قال ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه ومن أحبه الله رزقه محبته وطاعته والاشتغال بذكره وخدمته فأوجب له ذلك القرب منه والزلفي لديه والحظ عنده كما قال الله تعالى من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم المائدة ففي هذه الآية إشارة إلى أن من أعرض عن حبنا وتولي عن قربنا ولم يبال استبدلنا به من هو أولي بهذه المنحة منه وأحق فمن أعرض عن الله فما له عن بدل ولله منه أبدال.

جامع العلوم والحكم 2/ 236

ـ[الاستاذ]ــــــــ[14 - 01 - 06, 09:36 م]ـ

الحسد

الحسد مركوز في طباع البشر وهو أن الإنسان يكره أن يفوقه أحد من جنسه في شيء من الفضائل ثم ينقسم الناس بعد هذا إلى أقسام فمنهم من يسعى في زوال نعمة المحسود بالبغي عليه بالقول والفعل ثم منهم من يسعى في نقل ذلك إلى نفسه ومنهم من يسعى في إزالته عن المحسود فقط من غير نقل إلى نفسه وهو شرهما وأخبثهما وهذا هو الحسد المذموم المنهي عنه وهو كان ذنب إبليس حيث كان حسد آدم عليه السلام لما رآه قد فاق على الملائكة بأن الله خلقه بيده وأسجد له ملائكته وعلمه أسماء كل شيء وأسكنه في جواره فما زال يسعى في إخراجه من الجنة حتى أخرجه منها ويروى عن ابن عمر أن إبليس قال لنوح اثنان أهلك بهما بني آدم الحسد وبالحسد لعنت وجعلت شيطانا رجيما والحرص أبيح آدم الجنة كلها فأصبت حاجتي منه بالحرص خرجه ابن أبي الدنيا وقد وصف الله اليهود بالحسد في مواضع من كتابه القرآن كقوله تعالى ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق البقرة وقوله أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله النساء وخرج الإمام أحمد والترمذى من حديث الزبير بن العوام عن النبي صلى الله عليه وسلم دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء والبغضاء هي الحالقة حالقته الدين لا حالقة الشعر والذي نفس محمد بيده لا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم وخرج أبو داود من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب أو قال العشب وخرج الحاكم وغيره من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سيصيب أمتي داء الأمم قالوا يا نبي الله وما داء الأمم قال الأشر والبطر والتكاثر والتنافس في الدنيا والتباغض والتحاسد حتى يكون البغي ثم الهرج وقسم آخر من الناس إذا حسد غيره لم يعمل بمقتضى حسده ولم يبغ على المحسود بقول ولا بفعل وقد روى عن الحسن أنه لا يأثم بذلك وروى مرفوعا من وجوه ضعيفة وهذا على نوعين أحدهما أن لا يمكنه إزالة ذلك الحسد عن نفسه ويكون مغلوبا على ذلك فلا يأثم به والثاني من يحدث نفسه بذلك اختيارا ويعيده ويبدئه في نفسه مستروحا إلى تمني زوال نعمة أخيه فهذا شبيه بالعزم المصمم على المعصية وفي العقاب على ذلك اختلاف بين العلماء وربما يذكر في موضع آخر إن شاء الله تعالى لكن هذا يبعد أن يسلم من البغي على المحسود بالقول فيأثم بل يسعى في اكتساب مثل فضائله ويتمني أن يكون مثله فإن كانت الفضائل دنيوية فلا خير في ذلك كما قال الله تعالى قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون القصص وإن كانت فضائل دينية فهو حسن وقد تمني النبي صلى الله عليه وسلم الشهادة في سبيل الله وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم قال لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل و آناء النهار وهذا هو الغبطة وسماه حسدا من باب الاستعارة وقسم آخر إذا وجد في نفسه الحسد سعي في إزالته وفي الإحسان إلى المحسود بإبداء الإحسان إليه والدعاء له ونشر فضائله وفي إزالة ما وجد له في نفسه من الحسد حتى يبدله بمحبته أن يكون المسلم خيرا منه وأفضل وهذا من أعلي درجات الإيمان وصاحبه هو المؤمن الكامل الذي يحب لأخيه ما يحب لنفسه.

جامع العلوم 2/ 260

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير