تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[الاستاذ]ــــــــ[14 - 01 - 06, 09:39 م]ـ

مفتاح الجنة

وقال طائفة من العلماء إن كلمة التوحيد سبب مقتض لدخول الجنة والنجاة من النار لكن له شروط وهي الإتيان بالفرائض وموانع وهي اجتناب الكبائر قال الحسن للفرزدق إن للاإله إلا الله شروطا فإياك وقذف المحصنة وروي عنه أنه قال هذا العمود فأين الطنب يعني أن كلمة التوحيد عمود الفسطاط ولكن لا يثبت الفسطاط بدون أطنابه وهي فعل الواجبات وترك المحرمات قيل للحسن إن ناسا يقولون من قال لا إله إلا الله دخل الجنة فقال من قال لا إله إلا الله فأدى حقها وفرضها دخل الجنة وقيل لوهب بن منبه أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة قال بلى ولكن ما من مفتاح إلا وله أسنان فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك ويشبه ما روي عن ابن عمر أنه سئل عن لا إله إلا الله هل يضر معها عمل كما لا ينفع مع تركها عمل فقال ابن عمر اعمل ولا تغتر وقالت طائفة منهم الضحاك والزهري كان هذا قبل الفرائض والحدود فمن هؤلاء من أشار إلى أنها نسخت ومنهم من قال بل ضم إليها شروط زيدت عليها وزيادة الشروط هل هي نسخ أم لا فيه خلاف مشهور بين الأصوليين وفي هذا كله نظر فإن كثيرا من هذه الأحاديث متأخر بعد الفرائض والحدود وقال الثوري نسختها الفرائض والحدود فيحتمل أن يكون مراده ما أراده هؤلاء ويحتمل أن يكون مراده أن وجوب الفرائض والحدود تبين بها أن عقوبات الدنيا لا تسقط بمجرد الشهادتين فكذلك عقوبات الآخرة ومثل هذا البيان وإزالة الإيهام كان السلف يسمونه نسخا وليس هو نسخا في الاصطلاح المشهور وقالت طائفة هذه النصوص المطلقة جاءت مقيدة بأن يقولها بصدق وإخلاص وإخلاصها وصدقها يمنع الإصرار على معصيته وجاء من مراسيل الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم من قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة قيل وما إخلاصها قال أن تحجزك عما حرم الله وروي ذلك مسندا من وجوه أخر ضعيفة ولعل الحسن أشار بكلامه الذي حكيناه عنه من قبل إلى هنا فإن تحقق القلب بمعنى لا إله إلا الله وصدقه فيها وإخلاصه بها يقتضي أن يرسخ فيه تأله الله وحده إجلالا وهيبة ومخافة ومحبة ورجاء وتعظيما وتوكلا ويمتليء بذلك وينتفي عنه تأله ما سواه من المخلوقين ومتى كان كذلك لم يبق فيه محبة ولا إرادة ولا طلب لغير ما يريد الله ويحبه ويطلبه وينتفي بذلك من القلب جميع أهواء النفوس وإراداتها وسواس الشيطان فمن أحب شيئا أو أطاعه وأحب عليه وأبغض عليه فهو إلهه فمن كان لا يحب ولا يبغض إلا لله ولا يوالي ولا يعادي إلا لله فالله إلهه حقا ومن أحب لهواه وأبغض له ووالى عليه وعادى عليه فإلهه هواه كما قال تعالى أفرأيت من اتخذ إلهه هواه قال الحسن هو الذي لا يهوى شيئا إلا ركبه وقال قتادة هو الذي كلما هوى شيئا ركبه وكلما اشتهى شيئا أتاه لا يحجزه عن ذلك ورع ولا تقوي ويروى من حديث أبي أمامة مرفوعا ما تحت ظل السماء إله يعبد أعظم عند الله من هوى متبع وكذلك من أطاع الشيطان في معصية الله فقد عبده كما قال الله عز وجل ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين يس فتبين بهذا أنه لا يصح تحقيق معنى قول لا إله إلا الله إلا لمن لم يكن في قلبه إصرار على محبة ما يكرهه الله ولا على إرادة ما لا يريده الله ومتى كان في القلب شيء من ذلك كان ذلك نقصا في التوحيد وهو نوع من الشرك الخفي ولهذا قال مجاهد في قوله تعالى لا تشركوا به شيئا قال لا تحبوا غيري.

جامع العلوم1/ 522.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير