تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولنأخذ كتاباً آخر يأتي بالمرتبة الثانية بعد الكافي وهو أيضاً أحد الصحاح الأربعة الأولى، إنه كتاب (تهذيب الأحكام) للشيخ الطوسي مؤسس حوزة النجف، فإن فقهاءنا وعلماءنا يذكرون على أنه الآن (13590) حديثاً، بينما يذكر الطوسي نفسه مؤلف الكتاب -كما في عدة الأصول- أن تهذيب الأحكام هذا أكثر من (5000) حديث، أي لا يزيد في كل الأحوال عن (6000) حديث، فمن الذي زاد في الكتاب هذا الكم الهائل من الأحاديث الذي جاوز عدده العدد الأصلي لأحاديث الكتاب؟ مع ملاحظة البلايا التي رويت في الكافي وتهذيب الأحكام وغيرهما، فلا شك أنها إضافات لأيد خفية تسترت بالإسلام، والإسلام منها بريء، فهذا حال أعظم كتابين فما بالك لو تابعنا حال المصادر الأخرى ماذا نجد؟؟ ولهذا قال السيد هاشم معروف الحسني:

(وضع قصاص الشيعة مع ما وضعه أعداء الأئمة عدداً كثيراً من هذا النوع للأئمة الهداة) وقال أيضاً:

(وبعد التتبع في الأحاديث المنتشرة في مجاميع الحديث كالكافي والوافي وغيرهما نجد أن الغلاة والحاقدين على الأئمة الهداة لم يتركوا باباً من الأبواب إلا ودخلوا منه لإفساد أحاديث الأئمة والإساءة إلى سمعتهم) (الموضوعات 165، 253) وقد اعتذر بذلك الشيخ الطوسي في مقدمة التهذيب فقال: (ذاكرني بعض الأصدقاء بأحاديث أصحابنا وما وقع فيها من الاختلاف والتباين والمنافاة والتضاد، حتى لا يكاد يتفق خبر إلا وبإزائه ما يضاده، ولا يسلم حديث إلا وفي مقابله ما ينافيه، حتى جعل مخالفونا ذلك من أعظم الطعون على مذهبنا) ورغم حرص الطوسي على صيانة كتابه إلا أنه تعرض للتحريف كما رأيت.

في زيارتي للهند التقيت السيد دلدار علي فأهداني نسخة من كتابه (أساس الأصول) جاء في (ص51): (إن الأحاديث المأثورة عن الأئمة مختلفة جداً لا يكاد يوجد حديث إلا وفي مقابله ما ينافيه، ولا يتفق خبر إلا وبإزائه ما يضاده) وهذا الذي دفع الجم الغفير إلى ترك مذهب الشيعة.

ولننظر في القول بتحريف القرآن، فإن أول كتاب نص على التحريف هو كتاب سليم بن قيس الهلالي (ت90 هـ) فإنه أورد روايتين فقط، وهو أول كتاب ظهر للشيعة، ولا يوجد فيه غير هاتين الروايتين.

ولكن إن رجعنا إلى كتبنا المعتبرة والتي كتبت بعد كتاب سليم بن قيس بدهور فإن ما وصل إلينا منها طافح بروايات التحريف، حتى تسنى للنوري الطبرسي جمع أكثر من ألفي رواية في كتابه (فصل الخطاب).

فمن الذي وضع هذه الروايات؟ وبخاصة إذا رجعنا إلى ما ذكرناه آنفاً في بيان ما أضيف إلى الكتب وبالذات الصحاح تبين أن هذه الروايات وضعت في الأزمان المتأخرة عن كتاب سليم بن قيس وقد يكون في القرن السادس أو السابع، حتى أن الصدوق المتوفى (381هـ) قال: (إن من نسب للشيعة مثل هذا القول -أي التحريف- فهو كاذب) لأنه لم يسمع بمثل هذه الروايات، ولو كانت موجودة فعلاً لعلم بها أو لسمع.

وكذلك الطوسي أنكر نسبة هذا الأمر إلى الشيعة كما في تفسير (التبيان في تفسير القرآن) ط. النجف (1383هـ) وأما كتاب سليم بن قيس فهو مكذوب على سليم بن قيس وضعه أبان بن أبي عياش ثم نسبه إلى سليم.

وأبان هذا قال عنه ابن المطهر الحلي والأردبيلي: (ضعيف جداً وينسب أصحابنا وضع كتاب سليم بن قيس إليه) انظر (رجال الحلي ص206)، (جامع الرواة للأردبيلي 1/ 9).

ولما قامت الدولة الصفوية صار هناك مجال كبير لوضع الروايات وإلصاقها بالإمام الصادق وبغيره من الأئمة سلام الله عليهم. بعد هذا الموجز السريع تبين لنا أن مصنفات علمائنا لا يوثق بها، ولا يعتمد عليها، إذ لم يعتن بها، ولهذا عبثت بها أيدي العدى، فكان من أمرها ما قد عرفت.

والآن نريد أن نعرج على لون آخر من آثار العناصر الأجنبية في التشيع.

إنها قضية الإمام الثاني عشر وهي قضية خطيرة جداً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير