تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو بكر البغدادي]ــــــــ[24 - 01 - 06, 09:01 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

السلفية المحدثة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين الذي أرسله رحمة للعالمين.

إلى وقت ليس ببعيد كان الذي يسمع كلمة السلفية أو ا لسلفي يخطر بباله صورة الإسلام النقية الصافية، ويخطر بباله العلم الأصيل والدقة بالتزام الشريعة، والحرص على تطبيق تعاليم الإسلام وأصوله وآدابه وأخلاقه.

أما اليوم فالسلفية باتت في كثير من الأحيان تقترن بالتعصب والتنطع بدل السعة واليسر، والجهل والتضليل بدل العلم والترشيد، والتكفير والتبديع بدل الأخوة وحسن الظن، والحزبية والفرقة بدل الاجتماع والألفة. ولا شك أن ذلك كله مناف لتعاليم الإسلام، ومناف بالطبع لما كان عليه السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم.

وما من شك أن في الأمة اليوم ممن هم من أتباع السلف من هم على خير عظيم وفضل كبير، بل هم ممن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم (ولا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر لله تعالى).

المشكلة تكمن فيما عبر عنه الشاعر بقوله (وكل يدعي وصلا ليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا)، حتى أصبحت السلفية مثل الماركة المسجلة، الجميع يريد وشمها على الغلاف الخارجي. وإذا كان القانون التجاري يعاقب أصحاب الماركات المزيفة، فإن الماركات المعنوية المزيفة لم يطلها الحساب بعد، بل أصبحت السلفية المزيفة هذه الأيام هي التي تقيم أصحاب المنهج الأصيل، بل وتعاقبهم عليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وفي هذا المقام تحضرني طريفة عجيبة، وهي أن أحد المزيفين حاول تقليد ماركة شماغ البسام المعروفة، فتمت عقوبته، فعمد في المرة الأخرى إلى إضافة كلمة (الأصلي) لتصبح الماركة الجديدة (شماغ البسام الأصلي)، فأجيز من الرقابة ولم يعاقب وراج على الشماغ الأصلي.

وربما كان وراء هذا المرض الخطير أمور دقيقة أهمها:

• الظن أن تصنيف المسلمين إلى سلفي وخلفي أصل شرعي، بل والغفلة عن التصنيف الرباني المبين بقوله تعالى (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا، فمنهم ظالم لنفسه، ومنهم مقتصد، ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله)، وكذلك المبين بقوله تعالى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم).

وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية شيخ السلف لم يصنف الناس إلى سلفي وغير سلفي، بل فصل وبين ورد على أهل البدع بدعهم بالدليل والبينة وبالعدل والإحسان، وحفظ لهم ود أخوة الإسلام.

قال في المجموع (10/ 11): إن المظهرين للإسلام ينقسمون إلى مؤمن ومنافق. والفارق بين المؤمن والمنافق هو الصدق، فإن أساس النفاق الذي يبنى عليه هو الكذب. أهـ

وقال أيضا (7/ 217): وليس في الكتاب والسنة المظهرون للإسلام إلا قسمان: مؤمن أو منافق فالمنافق في الدرك الأسفل من النار والآخر مؤمن ثم قد يكون ناقص الإيمان فلا يتناوله الاسم المطلق وقد يكون تام الإيمان وهذا يأتي الكلام عليه إن شاء الله في مسألة الإسلام والإيمان وأسماء الفساق من أهل الملة ; لكن المقصود هنا أنه لا يجعل أحد بمجرد ذنب يذنبه ولا ببدعة ابتدعها - ولو دعا الناس إليها - كافرا في الباطن إلا إذا كان منافقا. فأما من كان في قلبه الإيمان بالرسول وما جاء به وقد غلط في بعض ما تأوله من البدع فهذا ليس بكافر أصلا والخوارج كانوا من أظهر الناس بدعة وقتالا للأمة وتكفيرا لها ولم يكن في الصحابة من يكفرهم لا علي بن أبي طالب ولا غيره بل حكموا فيهم بحكمهم في المسلمين الظالمين المعتدين كما ذكرت الآثار عنهم بذلك في غير هذا الموضع. وكذلك سائر الثنتين والسبعين فرقة من كان منهم منافقا فهو كافر في الباطن ومن لم يكن منافقا بل كان مؤمنا بالله ورسوله في الباطن لم يكن كافرا في الباطن وإن أخطأ في التأويل كائنا ما كان خطؤه ; وقد يكون في بعضهم شعبة من شعب النفاق ولا يكون فيه النفاق الذي يكون صاحبه في الدرك الأسفل من النار.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير