وفي كمبوديا مات مليون إنسان جوعا - بين عامي 1975 - 1979 - بسبب سياسة الإبادة التي كانت تنتهجها الأحزاب الشيوعية المتصارعة هناك.
وفي الحروب التي شنتها أمريكا ضد فيتنام، خلال ثلاثة عقود من الزمن، مات أكثر من مليوني فيتنامي وتعوق وجرح أكثر من أربعة ملايين آخرين، وأصبح أكثر من نصف السكان بلا مأوى ودمرت الكثير من الأراضي الزراعية، حسب الإحصائيات الأمريكية.
وبسبب قرار سياسي ستراتيجي عالمي يموت يوميا -جوعا ومرضا- في بلد عربي مسلم مئات الأطفال والشيوخ والنساء والرجال الأبرياء لتحقيق مصالح كبرى بعيدة النظر.
ولا تقتصر الإبادة الإنسانية المصنوعة بقرار سياسي على اليهود والشيوعيين والإمبريالية العالمية وحدهم، بل تتعاداه الى المنتسبين الى الإسلام أيضا، في دارهم وعلى أبناء جلدتهم.
ومن المضحكات المبكيات أن كل هذه المجازر الجماعية وهذا الظلم الصارخ حصل ويحصل بمرأى ومسمع - وأحيانا بتزكية وتبريك - من المجتمع الدولي ومؤسساسته التي تزعم أنها تحمي الإنسان وترعى العدل. وفي الحقيقة فإن هذا الموقف يكشف أن هذه المؤسسات مزيفة نصبت نفسها لتمثل الإنسانية رغما عنها.
أما الظلم المحلي فهو حتى في البلاد التي تحترم قوانينها غير مأمون، ولا يعطي للمظلوم حقه لأن القوانين المعمول بها قوانين بشرية عاجزة عن التفاعل الصحيح مع فطرة الإنسان ومع الجرائم الموضوعة لها. ففي أمريكا مثلا ارتفعت جرائم القتل 3% بين سنتي 1992 - 1993، وكان عدد حوادث القتل المسجلة خلال عام 1993 هو (24500) جريمة قتل، حسب الإحصائيات الأمريكية.
إن شرعة الغاب ضاربة أطنابها في الأرض، والسبب في ذلك ضياع الدين وضياع سلطانه. والبشرية اليوم أحوج ما تكون الى الإسلام ليحل لها معضلاتها الروحية ومصائبها المادية، ويهذبها من وحشيتها ويصفيها ويزكيها ويعيدها الى فطرتها التي فطرها الله عليها، قال تعالى (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز)، ذلك لأن الناس لا يصلحهم إلا الكتاب الهادي والحديد الناصر.
لم يعرف تأريخ البشرية دينا ولا كيانا حكم في الأرض أرحم ولا أصلح من الإسلام. ولم يعرف دينا حفظ وحافظ على أخلاق الحرب وآدابها غيره، فقد حرم الإسلام الغدر في القتال، فعن بريدة بن الحصيب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ثم قال اغزوا باسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا (مسلم 3261).
وحرم قتل المرأة والطفل والشيخ، فعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (انطلقوا باسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا ولا صغيرا ولا امرأة ولا تغلوا وضموا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين). (رواه أبو داود رقم 2247).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان. (البخاري ومسلم).
وحرم قتال غير المحارب، بل أوجب أمان الكافر إذا طلبه حتى يسمع دين الله ثم يوصل الى حيث أمانه وإن لم يؤمن وبقي على كفره، كما في قوله تعالى (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه).
لقد نزه الله تعالى الظلم عن نفسه فقال (وما ربك بظلام للعبيد) وحرمه على نفسه وعلى الناس جميعا، فقال في الحديث القدسي الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي ذر (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرما بينكم فلا تظالموا).
¥