تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولقد توعد الظالمين وعيدا عظيما حيث قال (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء)، وقال (ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض جميعا لافتدت به، وأسروا الندامة لما رأوا العذاب، وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون)، وقال (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)، وقال (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل. إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق، أولئك لهم عذاب أليم). وعن أبي موسى رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته قال ثم قرأ (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد). (البخاري ومسلم).

وأمر تعالى بالعدل فقال (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي)، وقال (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل).

وأمر بالعدل حتى على النفس أو الوالدين والأقربين فقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا).

وأمر به مع الكفار والمنافقين، كما نهى أن يكون البغض لشخص ما ولو بحق سببا للحيد عن العدل الذي أمر الله تعالى به؛ فقال في العدل مع الكفار (سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين)، وقال في العدل مع المبغوضين (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون).

وأمر برد الظالم وتوعد من قدر على رده فلم يفعل، كما جاء عن أبي بكر الصديق أنه قال أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه).

بل إن الله تعالى يحكم بالعدل يوم القيامة حتى بين البهائم كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء)، فكيف بالإنسان المكرم.

ولقد قص علينا القرآن إهلاك الله تعالى لبعض الظالمين في الدنيا قبل الآخرة فقال (ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجائتهم رسلهم بالبينات)، وقال (وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين)، وقال (وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا)، وقال (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد)، وقال (وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين).

إن المطالع للتأريخ المعاصر ليدرك أن أبشع مخططات الظلم قد نفذت تارة باسم السلام وحمامته وتارة باسم الحرية ومشعلها وتارة باسم العدالة وميزانها. إنها صناعة الغش والتزييف التي ترافق تلك المخططات السوداء. إنها نفس الصناعة التي تتهم الإسلام باضطهاد المرأة وقسوة العقوبة وعدم الرفق بالحيوان. إنها في الحقيقة صناعة النفاق.

وتبقى حقيقة أن الإسلام هو خلاص البشرية مما تعانيه من الظلم: ظلم العبد لربه وهو الشرك به والإعراض عن عبادته، وظلم العبد للعبد. قال تعالى (والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم)، وقال (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين. يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم).

كتبه أبو بكر البغدادي

ـ[أبو بكر البغدادي]ــــــــ[24 - 01 - 06, 09:53 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

بين العلماء و العوام

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير