قال تعالى (إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب).
وقال تعالى (ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون).
وقال (وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم).
وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية في غير موضع أن مرجع السيئات كلها هو الجهل فقال في المجموع (14/ 287): وأما السيئات فمنشؤها الجهل والظلم،فإن أحد لا يفعل سيئة قبيحة إلا لعدم علمه بكونها سيئة قبيحة،أو لهواه وميل نفسه إليها،ولا يترك حسنة واجبة إلا لعدم علمه بوجوبها أو لبغض نفسه لها.
وفي الحقيقة فالسيئات كلها ترجع إلى الجهل، وإلا فلو كان عالما علما نافعا بأن فعل هذا يضره ضررا راجحا لم يفعله،فإن هذا خاصية العاقل.ولهذا إذا كان من الحسنات ما يعلم أنه يضره ضررا راجحا كالسقوط من مكان عال أو في نهر يغرقه أو المرور بجنب حائط مائل أو دخول نار متأججة أو رمي ماله في البحر ونحو ذلك لم يفعله لعلمه بان هذا ضرر لا منفعة فيه. ومن لم يعلم أن هذا يضره،كالصبي والمجنون والساهي والغافل فقد يفعل ذلك.
ومن أقدم على ما يضره مع علمه بما فيه من الضرر عليه فلظنه أن منفعته راجحة،فأما أن يجزم بضرر مرجوح أو يظن أن الخير راجح. فلابد من رجحان الخير إما في الظن وإما في المظنون،كالذي يركب البحر ويسافر الأسفار البعيدة للربح، فإنه لو جزم بأنه يغرق أو يخسر لما سافر،لكنه يترجح عنده السلامة والربح،وإن كان مخطئا في هذا الظن.
وكذلك الذنوب،إذا جزم السارق بأنه يؤخذ ويقطع لم يسرق،وكذلك الزاني إذا جزم بأنه يرجم لم يزن، والشارب يختلف حاله،فقد يقدم على جلد أربعين وثمانين ويديم الشرب مع ذلك،ولهذا كان الصحيح أن عقوبة الشارب غير محدودة،بل يجوز أن تنتهي إلى القتل إذا لم ينته إلا بذلك كما جاءت بذلك الأحاديث كما هو مذكور في غير هذا الموضع.
وكذلك العقوبات،متى جزم طالب الذنب بأنه يحصل له به الضرر الراجح لم يفعله،بل إما أن لا يكون جازما بتحريمه أو يكون غير جازم بعقوبته بل يرجو العفو بحسنات أو توبة أو بعفو الله أو يغفل عن هذا كله ولا يستحضر تحريما ولا وعيدا فيبقى غافلا غير مستحضر للتحريم،والغفلة من أضداد العلم. أهـ
ومع أن الجهل هو من أعظم الموانع الشرعية في الحكم على الأعيان، فإن من الواجب معرفة أن إزالته بالبيان هو من أعظم الواجبات الشرعية أيضا. وينبغي كذلك العلم أن الإعذار وتأخير البيان أو تدريجه ليس أمرا مطلقا عاما بل هو من العلوم الدقيقة التي ينبغي للدعاة استيعابها على وجه التفصيل كي لا يتطبعوا على التساهل المطلق في البيان أو التساهل في تأخيره، ونحو ذلك بحيث يكون ذلك أصلا راتبا بدل أن يكون عارضا. ولذا فقد قيد الشرع الأحكام العارضة بعدم قصدها وابتغائها، ثم علق العمل بها للفترة التي يتحقق فيها هذا العارض فقط، فقال تعالى (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم)، وبالتالي فإن الله عزيز ذو انتقام لمن لم يلتزم هذا القيد الشرعي.
ولذا فإن من الأصول العظيمة عند أهل السنة والجماعة: أن فعل الحسنات أعظم من ترك السيئات، ذلك لأن فعل الطاعات هو الذي يحقق مقصد العبادة وإقامة الدين، وأما ترك السيئات فيحمي هذه المقصد فقط.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في المجموع (29/ 279): وقد قررت في غير هذا الموضع أن أداء الواجب أعظم من ترك المحرم، وأن الطاعات الوجودية أعظم من الطاعات العدمية، فيكون جنس الظلم بترك الحقوق الواجبة أعظم من جنس الظلم بتعدي الحدود. وقررت أيضا أن الورع المشروع هو أداء الواجب وترك المحرم، ليس هو ترك المحرم فقط. وكذلك التقوى اسم لأداء الواجبات، وترك المحرمات، كما بين الله حدها في قوله (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب) إلى قوله تعالى (أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون). أهـ
وفي الوقت الذي تجتمع فيه قوى الشر في العالم على حرب الإسلام على كل محاور الحياة، فإن الأمة مدعوة، لا سيما الدعاة، إلى الصبر الفاعل الإيجابي البناء لا الصبر السلبي المهزوم، بالبناء الحقيقي لشخصية المسلم الذي يريده الله تعالى وهو المسلم العامل الذي يعمل الصالحات بأخلص نية وأصوب هيئة.
(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين).
أبو بكر البغدادي
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[24 - 01 - 06, 10:34 م]ـ
الظلم ظلمات يوم القيامة
ولم يجد صانعوا الحرب العالمية الثانية - التي قتل فيها حوالي (15) مليون إنسان - بديلا لإيقافها إلا بإبادة أكثر من (100) ألف إنسان أعزل في اليابان ألقيت عليهم قنبلتي هيروشيما وناكازاكي الذريتين.
كتبه أبو بكر البغدادي
يا ليت الأمر كان كذلك!!!!
فالمعروف تاريخيا أن اليابان استسلمت لأمريكا قبل إلقاء القنبلتين!!! ومع ذلك أصر الأمريكان على إلقائهما من باب معرفة نتائج تفجير هذه القنبلة، وليست هناك فرصة أحسن من هذه!!!
ولكن لماذا ألقوا قنبلتين؟؟؟
لأنهم اخترعوا نوعين من القنابل: فأرادوا اختبارهما ليعرفوا نتائج كل منهما
ولما كانت هيروشيما وناجازاكي مدينتين مثاليتين لهذا الغرض من ناحية تقارب المساحة وعدد السكان، فقد كان ما كان!!!
¥