أخرجه البيهقي (2/ 99) من طريق محمد بن حجر ثنا سعيد بن عبد الجبار بن وائل عن أمه عن وائل بن حجر به.
قلت: وهو حديث ضعيف لا يحتج به، وله علتان.
الأولى: محمد بن حُجر هذا، قال البخاري: " فيه بعض النظر " وقال الذهبي: " له مناكير ".
الثانية: سعيد ابن عبد الجبار قال النسائي: " ليس بالقوي " وليس هو سعيد بن عبد الجبار القرشي الكرابيسي فإن هذا من شيوخ مسلم.
الشاهد الرابع:
أن عبد الله بن مسعود كان يضع ركبتيه قبل يديه.
قلت: أخرجه الطحاوي (1/ 256) من طريق حماد بن سلمة عن الحجاج بن ارطاة قال قال إبراهيم النخعي: " حفظ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كانت ركبتاه تقعان إلى الأرض قبل يديه " ولكن إسناده ضيعف واهٍ مع كونه موقوفاً!
فالحجاج بن أرطاة ضعيف الحفظ مدلس وقد استخدم ما يدل على التدليس قطعاً: " قال إبراهيم .. " ثم إن إبراهيم النخعي لم يدرك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. وحتى لو صح لما كان فيه حجة لكونه موقوفاً.
ولا تعارض سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بفعل الصحابي والله الموفق.
الشاهد الخامس:
" أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يضع ركبتيه قبل يديه " أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 63)
وعبد الرزاق (2/ 176)، عن الأعمش، عن إبراهيم، أن عمر كان يضع. . . فذكره.
ثم أخرجه ابن أبي شيبة من طريق يعلى، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عمر أنه كان يقع على ركبتيه.
قلت: والوجه الأول منقطع لأن إبراهيم لم يدرك عمر، وأما الثاني فصحيح، إلا ما كان من عنعنة الأعمش، ولكن الذهبي مشاها فيما روى عن أبي صالح وإبراهيم وجماعة.
ويجاب عنه بمثل الجواب المتقدم في أثر ابن مسعود. والله أعلم.
قال الشيخ المحدث أبو الأشبال في " شرح الترمذي " (2/ 58 ـ 59): " وحديث أبي هريرة نص صريح ومع هذا فإن بعض العلماء ومنهم ابن القيم حاول أن يعلله بعلةٍ غريبة فزعم أن متنه انقلب على راويه وأن صحة لفظه لعلها: " وليضع ركبتيه قبل يديه " ثم ذهب ينصر قوله ببعض الروايات الضعيفة وبأن البعير إذا برك وضع يديه قبل ركبتيه فمقتضى النهي عن التشبه به هو أن يضع الساجد ركبتيه قبل يديه. وهو رأي غير سائغ لأن النهي هو أن يسجد فينحط على الأرض بقوة وهذا يكون إذا نزل بركبتيه أولاً والبعير يفعل هذا أيضاً ولكن ركبتاه في يديه لا في رجليه وهو منصوص عليه في " لسان العرب " لا كما زعم ابن القيم " اهـ.
الوجه التاسع:
قال شيخ الإسلام ـ ابن القيم ـ رضي الله عنه: " وركبة البعير ليست في يده .. "
قلت: فيه نظر وركبة البعير في يده ونص أهل اللغة على ذلك وإن أنكر شيخ الإسلام.
قال ابن منظور في " لسان العرب " (14/ 236): " وركبة البعير في يده ".
وقال الأزهري في " تهذيب اللغة " (10/ 216): " وركبة البعير في يده. وركبتا البعير المفصلان اللذان يليان البطن إذا برك، وأما المفصلان الناتئان من خلف فهما العرقوبان ".
وقال ابن سيدة في " المحكم والمحيط الأعظم " (7/ 16): " وكل ذي أربع ركبتاه في يديه، وعرقوباه في رجليه ".
وقال ابن حزم في " المحلى " (4/ 129): " وركبتا البعير هي في ذراعيه ".
وروى أبو القاسم السرقسبطي في " غريب الحديث " (2/ 70) بسند صحيح عن أبي هريرة أنه قال: "لا يبرك أحد بروك البعير الشارد ". قال الإمام: " هذا في السجود يقول: لا يلزم بنفسه معاً كما تفعل البعير الشارد غير المطمئن المواتر ولكن ينحط مطمئناً يضع يديه ثم ركبتيه ". ذكره شيخنا ـ الألباني ـ في " صفة الصلاة ".
يؤيد ذلك كله ما أخرجه البخاري (7/ 239 فتح) وأحمد (4/ 176) والحاكم (3/ 6) والبيهقي في " الدلائل " (2/ 485 ـ 487) في قصة سراقة بن مالك رضي الله عنه قال: " .. وساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين ((ز)). . . " فهذا يؤيد أن الركبة في يد البعير. فلا متعلق لشيخ الإسلام فيه.
والحمد لله على التوفيق.
¥