تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الشيخ علي القاري في " مرقاة المفاتيح " (1/ 552) نقلاً عن ابن حجر الهيثمي الفقيه أن لحديث وائل طريقين آخرين يجبر بهما " فتعقبه شيخنا الألباني في " تحقيق المشكاة " (1/ 282) بقوله: " ولا تغتر بما حكاه الشيخ القاري عن ابن حجر الفقيه أن له طريقين آخرين فإنه من أوهامه ".

قلت: لعل ابن حجر يقصد بقوله أن له شاهدين. فإن كان ذلك فالتعبير بـ " طريقين " بدل " شاهدين " ليس مشهوراً، وإن كان سائغاً. وإن قصد أن له طريقين فالأمر كما قال شيخنا والله أعلم.

الرابع: قال الشوكاني في " نيل الأوطار " (2/ 284): " وقد حاول المحقق المقبلي الجمع بين الأحاديث بما حاصله أن من قدم يديه أو ركبتيه وأفرط في ذلك بمباعدة سائر أطرافه وقع في الهيئة المنكرة. ومن قارب بين أطرافه لم يقع فيها سواء قدم يديه أو ركبتيه.! وهو مع كونه جمعاً ـ لم يسبقه إليه أحد ـ تعطيل لمعاني الأحاديث وإخراج لها عن ظاهرها ومصير إلى ما لم يدل عليه دليل " اهـ وصدق يرحمه الله تعالى.

الخامس:

يذهب ابن حزم إلى وجوب وضع الساجد يديه قبل ركبتيه. فقال في " المحلى " (4/ 129): " وفرض على كل مصلٍ أن يضع إذا سجد يديه على الأرض قبل ركبتيه ولا بد " اهـ.

السادس:

حكى المروزي في " مسائله " بسند صحيح عن الأوزاعي أنه قال: " أدركت الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم ". ذكره شيخناـ الألباني ـ في " صفة الصلاة " (ص 83).

وذكره الحازمي في " الاعتبار " عن الأوزاعي. وفي " عون المعبود " (3/ 71): " وقال ابن أبي داود: وهو قول أصحاب الحديث " وقال الحافظ ابن سيد الناس: " أحاديث وضع اليدين قبل الركبتين أرجح. . . قال: وينبغي أن يكون حديث أبي هريرة داخلاً في الحسن على رسم الترمذي لسلامة رواته من الجرح " اهـ.

السابع:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " الفتاوى " (22/ 449): " أما الصلاة بكليهما فجائزة باتفاق العلماء. إن شاء المصلي يضع ركبتيه قبل يديه، وإن شاء وضع يديه قبل ركبتيه، وصلاته صحيحة باتفاق العلماء ولكن تنازعوا في الأفضل " اهـ.

قلت: ثم ساق شيخ الإسلام الرأيين السابقين ولم يرجح واحداً منهما. وقد علمت أن الراجح هو النزول باليدين، فيكون هو الأفضل بلا ريب. وهذا يرد على النووي رحمه الله قوله في " المجموع " (3/ 421)): " ولا يظهر ترجيح أحد المذهبين من حيث السنة "، وذلك أن الإمام رحمه الله لم ينشط لتحقيق المسألة، ولكنه اكتفى بنقل أدلة الفريقين، كما يومي قوله: " ولكني أذكر الأحاديث الواردة من الجانبين " مع أن مقتضى نقده يشير إلى تقوية النزول باليدين. والله أعلم، وأما الصلاة فصحيحة بكليهما كما أشار شيخ الإسلام رحمه الله فيما تقدم عنه. والله أعلم.

والحمد لله أولاً وآخراً، ظاهراً وباطناً.

وكتبه راجي عفو ربه الغفور

أبو إسحق الحويني الأثري.

ـــــــــــــــ

الهوامش:

((أ)): بتصرفٍ من كلامٍ للذهبي في " تذكرة الفاظ ".

((ب)): ومن طريقه أخرجه أبو يعلى (ج 1 / رقم 6540) وذكره الترمذي (269) معلقاً.

((ج)): قال الحاكم: " فأما القلب في هذا فإنه إلى حديث ابن عمر أميل لروايات في ذلك كثيرة عن الصحابة والتابعين " اهـ.

قلت: وأطرف ما سمعته في تفسير قول الحاكم هذا ما زعمه بعضهم أن قول الحاكم:" والقلب إلى حديث ابن عمر أميل " أن هذا تصريح من الحاكم بأن حديث ابن عمر مقلوب!! وما رأيت كاليوم عجباً!! فالمسكين ظن أن " القلب " معناه أن الحديث انقلب على راويه. وليس كذلك بل يريد الحاكم بقوله ترجيح حديث ابن عمر، وأن قلبه يميل إلى ذلك لما له من الشواهد الكثيرة عن الصحابة والتابعين. والله أعلم.

((د)): ثم استدركت فقلت: بل ليس على شرط مسلم، فهذه الترجمة " الدراوردي، عن عبيد الله " لم يخرج مسلم شيئاً منها في " صحيحه " وقد تكلم بعض العلماء في رواية الدراوردي عن عبيد الله ابن عمر خاصة، وقد أشار لذلك أبو داود فيما نقله المزي عنه في " الأطراف " ويبدو أن رواية أبي داود لهذا الحديث وقعت في نسخة ابن داسة أو ابن العبد ولم تقع في نسخة " اللؤلؤي " التي بأيدينا والله أعلم.

((هـ)): وصرح صاحب " عون المعبود " (3/ 71) بأن حديث ابن عمر: " إسناده حسن ". فإن قلت: قد روى عن ابن عمر خلاف ذلك. فقال ابن أبي شيبة في " المصنف " (1/ 263) حدثنا يعقوب بن إبراهيم، عن ابن أبي ليلى، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يضع ركبتيه إذا سجد قبل يديه، ويرفع يديه إذا رفع قبل ركبتيه ". قلت: بل هذه الرواية منكرة، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى كان رديء الحفظ، وقد خالفه عبيد الله بن عمر كما تقدم وهو أوثق منه بطبقات. والله أعلم.

((و)): وقع في " المستدرك " قول الحاكم: " أما حديث أنس، فحدثنا أبو العباس بن محمد الدوري. . . " وهذا خطأ قطعاً، صوابه " حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا العباس بن محمد الدوري. . . " وهكذا رواه عنه البيهقي على الصواب. فليصحح من هنا، والله الموفق.

((ز)) أخرج هذا الحديث من ذكرنا من طريق ابن شهاب، أخبرني عبد الرحمن بن مالك المدجلي، وهو ابن اخي سراقة بن جشعم، وأن أباه أخبره أنه سمع سراقة يقول: " جاءتنا رسل كفار قريش يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر دية لكل واحد منهما لمن قتلهما أو أسرهما. . . الحديث بطوله. قال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبي!!

قلت: لا، وقد وهما من وجهين: الأول: في استدراك هذا على البخاري. وقد أخرجه كما أخرجه كما ترى من طريق ابن شهاب. الثاني: أن مسلماً لم يخرج لعبد الرحمن بن مالك شيئاً، فلا يكون على شرطه. ثم رأيت الحاكم رحمه الله أخرجه في موضع آخر (3/ 67) مختصراً من طريق الليث عن عقيل، عن ابن شهاب به وقال: " صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبي!! وهو وهم، والصواب أنه على شرط البخاري لما قدمنا لك آنفاً.

(منقول)


¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير