تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والله لا يحب المعتدين في كل شيء دعاء كان أو غيره كما قال تعالى ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين وعلى هذا فيكون أمر بدعائه وعبادته وأخبر أنه لا يحب أهل العدوان وهو يدعون معه غيره فهؤلاء أعظم المعتدين عدواناً فإن أعظم العدوان الشرك وهو وضع العبادة فى غير موضعها فهذا العدوان لابد أن يكون داخلا فى قوله تعالى إنه لايحب المعتدين ومن العدوان أن يدعوه غير متضرع بل دعاء هذا كالمستغنى المدلى على ربه وهذا من أعظم الإعتداء لمنافاته لدعاء الذليل فمن لم يسأل مسأ لة مسكين متضرع خائف فهو معتد ومن الإعتداء أن يعبده بما لم يشرع ويثنى عليه بما لم يثن به على نفسه ولا أذن فيه فإن هذا اعتداء في دعائه الثناء والعبادة وهو نظير الإعتداء فى دعاء المسألة والطلب وعلى هذا فتكون الآية دالة على شيئين أحدهما محبوب للرب سبحانه وهو الدعاء تضرعا وخفية الثانى مكروه له مسخوط وهو الإعتداء فأمر بما يحبه وندب إليه وحذر مما يبغضه وزجر عنه بما هو أبلغ طرق الزجر والتحذير وهو لا يحب فاعله ومن لا يحبه الله فأي خير يناله وقوله تعالى إنه لا يحب المعتدين عقيب قوله ادعوا ربكم تضرعا وخفية دليل عل أن من لم يدعه تضرعا وخفية فهو من المعتدين الذين لا يحبهم فقسمت الآية الناس إلى قسمين داع لله تضرعا وخفية ومعتد بترك ذلك. مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 15/ 22 – 24.

وقال أيضاً: الدعاء ليس كله جائزا بل فيه عدوان محرم والمشروع لا عدوان فيه وأن العدوان يكون تارة في كثرة الألفاظ وتارة في المعانى كما قد فسر أحد الصحابة ذلك إذ قال هذا لابنه لما قال اللهم أنى أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها وقال الأخر أسالك الجنة وقصورها وأنهارها واعوذ بك من النار وسلاسلها واغلالها فقال أى بنى سل الله الجنة وتعوذ به من النار فقد سمعت رسول الله يقول سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الدعاء والطهور والإعتداء يكون في العبادة وفى الزهد وقول أحمد بما جاء في الخبر حسن فإن اللام في الدعاء للدعاء الذى يحبه الله ليس لجنس الدعاء فإن من الدعاء ما يحرم. مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 22/ 474.

وقال ابن القيم رحمه الله: أنواع الاعتداء في الدعاء وعلى هذا فالاعتداء بالدعاء تارة بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من الإعانة على المحرمات وتارة بأن يسأل ما لا يفعله الله مثل أن يساله تخليده إلى يوم القيامة أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية من الحاجة إلى الطعام والشراب أو يسأله أن يطلعه على غيبه أو يساله أن يجعله من المعصومين أو يسأله أن يهب له ولدا من غير زوجة ولا أمة ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء فكل سؤال يناقض حكمه الله أو يتضمن مناقضة شرعه وأمره أو يتضمن خلاف ما أخبر به فهو اعتداء لا يحبه الله ولا يحب سائله وفسر الاعتداء برفع الصوت أيضا في الدعاء قال ابن جريح من الاعتداء رفع الصوت في الدعاء والنداء في الدعاء والصياح وبعد فالآية أعم من ذلك كله وإن كان الاعتداء في الدعاء مرادا بها فهو من جملة المراد والله لا يحب المعتدين في كل شيء دعاء كان أو غيره كما قال ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين وعلى هذا فيكون قد أمر بدعائه وعبادته وأخبر أنه لا يحب أهل العدوان وهم الذين يدعون معه غيره فهؤلاء أعظم المعتدين عدوانا فإن أعظم العدوان الشرك وهو وضع العبادة في غير موضعها فهذا العدوان لا بد أن يكون داخلا في قوله أنه لا يحب المعتدين ومن العدوان أن يدعوه غير متضرع بل دعاء مدل كالمستغني بما عنده المدل على ربه به وهذا من أعظم الاعتداء المنافي لدعاء الضارع الذليل الفقير المسكين من كل جهة في مجموع حالاته فمن لم يسأل مسألة مسكين متضرع خائف فهو معتد، ومن الاعتداء أن تعبده بما لم يشرعه وتثني عليه بما لم يثن به على نفسه ولا أذن فيه فإن هذا اعتداء في دعاء الثناء والعبادة وهو نظير الاعتداء في دعاء المسألة والطلب وعلى هذا فتكون الآية دالة على شيئين أحدهما محبوب للرب تبارك وتعالى مرض له وهو الدعاء تضرعا وخفية الثاني مكروه له مبغوض مسخوط وهو الاعتداء فأمر بما يحبه الله وندب إليه وحذر مما يبغضه وزجر عنه بما هو ابلغ طرق الزجر والتحذير وهو أنه لا يحب فاعله ومن لم يحبه الله فأي خير يناله وفي قوله إنه لا يحب المعتدين عقب قوله ادعو ربكم تضرعا وخفية دليل على أن من لم يدعه تضرعاً وخفية فهو من المعتدين الذين لا يحبهم فقسمت الآية الناس إلى قسمين داع لله تضرعاً وخفية ومعتد بترك ذلك.

بدائع الفوائد 3/ 523 – 525.

ـ[محمودالجندى]ــــــــ[18 - 08 - 10, 11:40 ص]ـ

للشيخ محمد بن أحمد الفيفي

رسالة تسمى

أيها الأئمة احذروا الاعتداء فى الدعاء


تجدها بالمرفقات
أوصى كل من أم الناس فى الصلاة أن يقرأها

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير