تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فروى مسلم في "صحيحه" عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: أتى رجلٌ بالجِعْرَانة مُنصَرَفه من حنين ـ وفي ثوب بلال فضة، ورسول الله e يقبض منها، يعطي [منها] الناس ـ فقال: يا محمد اعدل، فقال: "وَيْلَكَ! وَمَن يَعْدِل إِذَا لَمْ أكن أَعْدِلْ؟ لقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلْ"، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق، فقال: "مَعَاذَ اللهِ أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنِّي أَقْتُلُ أَصْحَابِي، إِنَّ هَذَا وَأَصْحَابَه يَقْرَؤون القُرآنَ لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْهُ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ".

وروى البخاري منه عن عمرو عن جابر رضي الله عنهما قال: بينا رسول الله e يقسم غنيمةً بالِجْعرَانة إذ قال له رجل: اعدل، فقال: "لَقَدْ شَقِيتَ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ".

وجاء من كلامه لرسول الله e ما هو أغلظ من هذا، قال ابن إسحاق في رواية ابن بكير عنه: حدثني أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن مِقْسَم أبي القاسم مولى عبدالله بن الحارث قال: خرجت أنا و [تَليد] بن كلاب الليثي، فلقينا عبدالله بن عمرو بن العاص يطوف بالكعبة معلقاً نعليه في يديه، فقلنا له: هل حضرت رسول الله e وعنده ذو الخويصرة التميمي يكلمه؟ قال: نعم، ثم حدثنا فقال: أتى ذو الخويصرة التميمي رسول الله e وهو يقسم المقاسم بحنين، فقال: يا محمد قد رأيتُ ما صنعتَ، قال: "فكيف رأيت؟ " قال: لم أرك عدلت، فغضب رسول الله e وقال: "إذا لم يَكُنِ العَدْلُ عندي فَعِنْدَ مَن يكون؟ "فقال عمر: يا رسول الله، ألا أقوم إليه فأضرب عنقه، فقال رسول الله e: " دَعْهُ؛ فإنَّهُ سَيَكُونُ له شِيعَةٌ يَتَعمَّقُونَ فِي الدِّينِ حَتَّى يَمْرُقونَ مِنْهُ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ" وذكر تمام الحديث.

/قال ابن إسحاق: حدثني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين قال: أتى ذو الخويصرة التميمي رسول الله e وهو يقسم المقاس بحنين، وذكر مثل هذا سواء.

ورواه الإمام أحمد عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن ابن إسحاق نحو هذا.

تحقيق لبيان الذي اعترض على قسم الرسول

وقال الأموي عن ابن إسحاق، وذكر الحديث عن أبي عبيدة وعن محمد بن علي وعن ابن أبي نجيح عن أبيه أن رجلاً تكلم عِنْدَ النبي e قال: ولم يسمه إلا محمد بن علي، فإنه قال: هو ذو الخويصرة التميمي.

وكذلك ذكر غيره أن ذا الخويصرة هو الذي اعترض على النبي e في قَسْم غنائم حنين، وكذلك المنافق الذي سمعه ابن مسعود فإنه في غنائم حنين أيضاً.

وأما الذي في حديث ابن أبي نُعْم عن أبي سعيد فإنه كان بعد هذه المرة؛ لأن فيه أن علياً بعث إلى النبي e وهو باليمن الذهيبة فقسمها بين أربعة من أهل نجد، ولا خلاف بين أهل العلم أن علياً كان في غزوة حنين مع النبي e، ولم تكن اليمن فتحت يومئذٍ، ثم إنه استعمل علياً على اليمن سنة عشر بعد تبوك وبعد أن بعثه مع أبي بكر إلى الموسم ينبذ العهود، ووافى النبي e في حجة الوداع منصرفه من اليمن، وكان النبي e بالمدينة لما بعث علي بالصدقة، ومما يبين ذلك أن غنائم حنين نَفَّل النبي e منها خلقاً كثيراً من قريش وأهل نجد، وهذه الذهيبة إنما قسمها بين أربعة نجديين، وإذا كان كذلك فإما أن يكون المعترض في هذه المرة غير ذي الخويصرة، ويكون أبو سعيد قد شهد القصتين، وعلى هذا فالذي في رواية معمر أن آية الصدقات نزلت في قصة ذي الخويصرة ليس بجيد، بل هو مدرج في الحديث من كلام الزهري أو كلام معمر؛ لأن ذا الخويصرة إنما أنكر عليه قسم الغنائم، وليست هي الصدقات التي جعلها الله لثمانية أصناف، ولا التفات إلى ما ذكره بعض المفسرين من أن الآية نزلت في قسم غنائم حنين، وإما أن يكون المعترض في ذهيبة علي رضي الله عنه هو ذو الخويصرة أيضاً، وعلى هذا فتكون أحاديث [أبي] سعيد كلها في هذه القصة، لا في قسم الغنائم، وتكون الآية قد نزلت في ذلك، أو يكون قد شهد القصتين معاً،/ والآية نزلت في إحداهما.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير