تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الدليل الخامس: أن النبي e دعا الناس إلى قتل ابن الأشرف؛ لأنه كان يؤذي الله ورسوله، وكذلك كان يأمر بقتل من يسبه ويهجوه إلا من عفا عنه بعد القدرة، وأمره e للإيجاب، فعلم وجوب قتل الساب وإن لم يجب قتل غيره من المحاربين، وكذلك كانت سيرته، لم يُعلم أنه تَرَك قتل أحد من السابين بعد القدرة عليه إلا من تاب أو كان من المنافقين، وهذا يصلح أن يكون امتثالاً للأمر بالجهاد وإقامة الحدود، فيكون على الإيجاب، يؤيد ذلك أن في ترك قتله تركاً لنصر الله ورسوله، وذلك غير جائز.

الدليل السادس: أقاويل الصحابة، فإنها نصوص في تعيين قتله، مثل قول عمر رضي الله عنه: "من سب الله أو أحداً من الأنبياء فاقتلوه" فأمر بقتله عيناً، ومثل قول ابن عباس رضي الله عنهما: "أيما معاهد عاند فسب الله أو سب أحداً من الأنبياء عليهم السلام أو جهر بعه فقد نقض العهد، فاقتلوه" فأمر بقتل المعاهد إذا سب عيناً، ومثل قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه فيما كتب به إلى المهاجر في المرأة التي سبّت النبي e: " لولا ما سبقتني فيها لأمرتك بقتلها؛ لأن حد الأنبياء لا يشبه الحدود، فمن تعاطى ذلك من مسلم فهو مرتد، أو معاهد فهو محارب غادر" فبين أن الواجب كان قتلها عيناً لولا فوات ذلك، ولم يجعل فيه خِيرَة إلى الإمام، لا سيما والسابة امرأة، وذلك وحده دليل كما تقدم، ومثل قول ابن عمر في الراهب الذي بلغه أنه يسب النبي e: " لو سمعته لقتلته"، ولو كان كالأسير/ الذي يخير فيه الإمام لم يَجُزْ لابن عمر اختيار قتله، وهذا الدليل واضح.

الدليل السابع: أن ناقض العهد بسب النبي e ونحوه حاله أغلظ من حال الحربي الأصلي، (كما أن حال المرتد أغلظ من حال الكافر الأصلي، لأنه اجتمع فيه الحراب الأصلي)، وخروجه عما عَاهَدَنَا عليه بالطعن في الدين وأذى الله ورسوله، ومثل هذا يجب عليه أن يعاقب عقوبة تزجر أمثاله عن مثل حاله، والدليل عليه قوله سبحانه وتعالى:) إِنَّ شَرَّ الدَّوَآبِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كَلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ* فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (فأمر الله رسوله إذا صادف الناكثين بالعهد في الحرب أن يشرد بهم غيرهم من الكفار بأن يفعل بهم ما يتفرق به أولئك، وقال تعالى:) أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ (فحضَّ على قتال من نكث اليمين وهمَّ بإخراج الرسول وبدأ بنقض العهد، ومعلوم أن من سب الرسول e فقد نقض العهد وفعل ما هو أعظم من الهم بإخراج الرسول وبَدْئِنا أول مرة. ثم قال تعالى:) قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ* وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ (فعلم أن تعذيب هؤلاء وإخزاءهم ونصر المؤمنين عليهم وشفاء صدورهم بالانتقام منهم وذهاب غيظ قلوبهم مما آذوهم به أمر مقصود للشارع مطلوبٌ في الدّين، ومعلوم أن هذا المقصود لا [يحصل] ممن سب النبي e وآذى الله ورسوله وعباده المؤمنين إلا بقتله، لا يحصل بمجرد استرقاقه، ولا بالمنّ عليه، والمفاداة به.

وكذلك أيضاً تنكيل غيره من الكفار الذين قد يريدون إظهارَ السبّ لا يحصل على سبيل التمام إلا بذلك، ولا يُعَارِضُ هذا مَنْ نقض العهدَ في طائفة ممتنعة إذا أسرنا واحداً منهم؛ لأن قتال أولئك والظهور عليهم يُحَصِّل هذا المقصود، بخلاف من كان في أيدينا/ قبل السبّ وبعده، فإن لم نُحْدث فيه قتلاً لم يحصل هذا المقصود.

وجماعُ ذلك أن ناقض العهد لابُدّ له من قتال أو قَتْل؛ إذ لا يحصل المقصود إلا بذلك، وهذا الوجه وإن كان فيه عمومٌ لكل مَن نقض العهد بالأذى، لكن ذكرناه هنا لخصوص الدلالة أيضاً، فإنها تدل عموماً وخصوصاً.

إذا سب الذمي النبي فقد صدر منه فعل يتضمن أمرين

الدليل الثامن: أن الذميّ إذا سبّ النَّبيَّ e فقد صدر منه فعل تضمّن أمرين:

أحدهما: انتقاضُ العهد الذي بيننا وبينه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير