تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

غضبه، فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة، والذي يجاهر يفوته جميع ذلك) [انظر: فتح الباري (10/ 487)].

فهل بعد ذلك أخي الحبيب جهر بمعصية وإستخفاف بدين الله، هو يأمرك وأنت تعصيه، ويا ليتك تُقر أنها معصية ولكنك تنكر وتأخذك العزة بالإثم وتسمع كلام المتفلسفة في دين الله ليخففوا ويحللوا لك عصيان الله على قلبك. ونسيت سنة رسول الله ? الذي أمرك بهذا فاسمع كيف كانت لحيته ?، روى النسائي عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله ? كث اللحية تملأ صدره) رواه البخاري رقم (3344). وإعفاء اللحية من ملة إبراهيم الخليل التي لا يرغب عنها إلا من سفه نفسه كما قال تعالى:?وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ? البقرة130، ومن سنة محمد ? التي تبرأ ممن رغب عنها بقوله: " فمن رغب عن سنتي فليس مني " متفق عليه. وإعفاء اللحية وإن كان شأن العرب وخاصيتهم إلا أن رسول الله ? بأمره به قد نقله من كونه عرفاً وعادةً إلى كونه عبادة مأموراً بها مثاباً على فعلها معاقباً على تركها. والصادق في إيمانه يستجيب لأمر الله لأن مقتضى الإيمان التصديق والطاعة والاستسلام والانقياد لأمر الله تعالى.

فأين الذين يقولون نحن نحب رسول الله ? ويُقسِموا على ذلك: ? قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ? [النور 53]. ولقد صدق رسول الله ? عندما أخبرنا أن شباب الإسلام ورجاله سيتبعون أهل الكفر والمجون والضلالة في أعمالهم خطوة بخطوة. روى البخاري حديث رقم (7319) عن أبي هريرة ? عن النبي ? قال: " لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبراَ بشبر وذراعاً بذراع " فقيل: يا رسول الله، كفارس والروم؟ فقال: " ومن الناس إلا أولئك ".

إليك أخي الكريم أمره ? بإعفاء اللحية والأحاديث الدالة على ذلك، والرد على بعض أقوال المتفلسفة، والذين يحاولون دائماً أن يقللوا من سنة النبي ?: روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما قول رسول الله ?: " خالفوا المجوس، احفوا الشوارب وأوفوا اللحى ". وفي رواية: " أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى ". وفي رواية: " خالفوا المشركين، احفوا الشوارب وأوفوا اللحى ". وفي رواية مسلم: " جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس ". هذا وقد اتفق العلماء من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم (كما سيأتي) على وجوب توفير اللحية وحرمة حلقها عملا بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله، فكيف تطمئن نفس مسلم بمخالفة أمر الله ورسوله وهو يزعم أنه يؤمن بالله وأمره ونهيه ووعده ووعيده وثوابه وعقابه ويؤمن بالبعث بعد الموت والجزاء والحساب والجنة والنار.

شبهة.

فإن قال قائل: [إن المشركين منهم من لا يحلق لحيته ومن باب المخالفة أن أحلقها أنا حتى أخالفهم، نقول لهؤلاء: أما إعفاء لحاهم فهو من بقايا الدين الذي ورثوه عن إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام كما ورثوا عنه الختان أيضاً فقد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قوله تعالى:?وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ? [البقرة 124] قال: هي خصال الفطرة. وهذا يرشدنا إلى أصل مهم وهو أن مخالفة المشركين تارة تكون في أصل الحكم وتارة في وصف الحكم، فمثلاً: إذا كانوا يستأصلون لحاهم وشواربهم خالفناهم في أصل ذلك الفعل بإعفاء اللحى وقص الشارب. وإن كانوا يوفرون لحاهم وشواربهم وافقناهم في أصل إعفاء اللحى وخالفناهم في صفة توفير الشوارب بقصها]. [من كتاب أدلة تحريم حلق اللحية للشيخ محمد بن إسماعيل، ص (33)].

وإذا كانوا يُخرجون الحائض من بيوتهم ولا يؤاكلونها ولا يجامعونها، خالفناهم في الأصل، بأن نجالسهن في البيوت ونأكل ونشرب معهن ولنا فيهن كل شيئ، ووافقناهم في عدم النكاح فقط إلا من فوق الإزار كما ثبت ذلك عن النبي ? قال: " اصنعوا كل شيء إلا النكاح "، فهل يقول قائل: هيا نجامع النساء في حيضهم حتى نخالف اليهود؟، إذاً أخي الكريم ليس معنى فعلهم لشيئ هو أصل للبشر، يجب علينا أن نخالفهم فيه كلياً، ولكن المخالفة تكون كما أمرنا ديننا، فإذا أمرنا بمخالفتهم ثم أُمِرنا بإعفاء اللحية، علمنا أن المخالفة تكون في أن يُترك الشارب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير