تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الجواب: معاوية بن أبي سفيان صحابي أسلم في العهد النبوي، واتخذه النبي صلى الله عليه وسلم كاتبًا للوحي، وبقي كذلك حتى مات النبي , ثم إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعثه أميرًا على المجاهدين، واستمر كذلك وشارك في الفتوحات في تلك البلاد، وأقره عثمان على ذلك، ولما قتل عثمان ظلمًا طالب بقتل من قتله، فانتصر ومكن الله تعالى له، وصدق على عثمان قول الله تعالى ((ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا)) قال ابن عباس: إن معاوية ولي عثمان، وإنه يطالب بقتل من قتله، ولابد أن الله ينصره على أولئك الظلمة، وأما الذين طعنوا فيه فإنهم كذبة خونة، فقد مكن الله تعالى له في عهد علي، حيث استولى على الشام ومصر وبلاد أفريقيا، ثم إن الحسن ابن علي رضي الله عنهما بايعه ورضي بخلافته، وكذلك اجتمع المسلمون عليه خليفة لمدة عشرين سنة والأمور مستقرة، وقد انقطعت الفتن، وتوجه المسلمون للفتوحات وقتال الكفار، وتوسعت رقعة الإسلام في هذه المدة، ودخل في ولايته الصحابة والتابعون وذرية علي رضي الله عنه، وبنو العباس، وآل جعفر، وبنو هاشم، وسائر أهل البيت، فدل على أنه خليفة عادل، وملك من ملوك الإسلام.

فأما قول الله تعالى ((والشجرة الملعونة في القرآن)) فإنها شجرة الزقوم فإن المشركين كذبوا بها وقالوا: إن النار تأكل الشجر فأنزل الله تعالى ((انها شجرة تخرج في اصل الجحيم)) وأما تلك الرؤيا أنه صلى الله عليه وسلم رأى بني أمية ينزون على منبره نزو القردة، فساءه ذلك فنزلت الآية، فهذا الحديث كذب صريح ما خرجه أهل الصحيحين، ولا أهل السنن الأربعة، ولا أهل المسانيد، كمسند أحمد، والحميدي، وأبي يعلى، ونحوهم، وإنما كذبه الرافضة المتأخرون وركبوا له إسنادًا، فرواه الثعلبي وهو ليس من المحدثين، وإنما هو كحاطب الليل ينقل ما وجده، كما ذكر ذلك عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع من منهاج السنة، حيث أن الثعلبي في زمانه تمكن الرافضة ونشروا أحاديث مكذوبة، فرواها بإسناده والعهدة على رواتها، وقد لخص تفسيره الإمام البغوي وحذف تلك الأحاديث المكذوبة لمعرفته بطرق الأحاديث، وأما السيوطي فإنه من أهل السنة، وقد ترجم لمعاوية في تاريخ الخلفاء وأثنى عليه، ولكنه في التفسير أورد هذه الحكاية للاعتبار لا لتصديقها، وأما الرازي فإنه ليس من المتخصصين في الحديث، وإنما هو من أهل الكلام، فإيراده لهذا الحديث تقليدًا لغيره، ولا يدل ذلك على أن الحديث ثابت، فالمرجع في ذلك إلى رجال الإسناد، والمرجع إلى كتب أهل السنة وأهل الحديث، الذين أعرضوا عن هذه الأحاديث الموضوعة، وعرفوا أن الآية نزلت في مكة قبل فتحها وقبل الهجرة، وفي ذلك الوقت قد أسلم من بني أمية عثمان بن عفان وغيره، وبقيتهم كغيرهم ممن أسلموا من أهل البيت، كالعباس وعقيل وأولاد أبي طالب غير عليّ، فلا يدل على أن الآية يراد بها بنو أمية، فلا يدخل فيهم أبو سفيان ولا معاوية ولا يزيد ولا مروان، وإنما الآية في شجرة الزقوم.

الآية الثانية: قول الله تعالى ((فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطعوا ارحامكم اولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم)) هذه الآية خطاب لجميع الأمة، فكل من أفسد في الأرض وقطع الرحم فهو متوعد بهذا الوعيد، ومن ادعى أن معاوية أفسد حينما تولى فقد كذب وافترى، فإنه أصلح في الأرض وصار سيرة حسنة، فقد استقرت البلاد، وأمن العباد، وقام الجهاد، فالرافضة ليس عندهم دليل على أنه أفسد في الأرض فسادًا ظاهرًا، ولا أنه قطع رحمه أو قطع أرحام النبي r، ولكن قتاله لعليّ ولمن معه مطالبة بدم عثمان حيث أن أولئك القتلة كانوا في جيش عليّ، وظنًا منه أن عليًا قد رضي بفعلهم، حيث لم ينصر عثمان مع قدرته على ذلك، فلذلك قاتله في صفين وفي غيرها من الوقعات، ونطلب من الرافضة أن يذكروا فساد معاوية في الدين في كتب التاريخ المعتمدة، كتاريخ ابن كثير، وابن الجوزي، والذهبي، وابن عساكر، والطبري، وغيرهم، فما نوع الفساد في الدين؟ فإن الصلوات قائمة، والمساجد معمورة، والمسجد الحرام يؤمه الحجاج والمعتمرون، وقد وصل أرحام النبي r وأحسن إلى الحسن والحسين أولاد عليّ، ووصلهم وأجرى لهم جرايات، وكذلك لغيرهم كعبد الله بن جعفر، وآل العباس وغيرهم، فأين قطعه للرحم إن كانوا صادقين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير