تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما الحديث الذي رواه محمد بن يوسف الكندي فإنه ضعيف الإسناد، حيث لم ترو هذه القصة في كتب علماء السنة، ولو كانت ثابتة ما تركوها، فإنهم يحبون علي بن أبي طالب، وينهون عن شتمه وأذاه، وأما أهل الشام فقد يكون أولئك من الذين يظنون أن عليًا اشترك في قتل عثمان كما ظن ذلك معاوية، ولاشك أنهم أخطأوا في ذلك الظن.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يحب عليًا إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق " فقد رواه مسلم عن علي رضي الله عنه قال: " إنه لعهد لي من رسول الله r أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق "، وروى مسلم أيضًا أنه r قال: " آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار " ولاشك أيضًا أن بقية الصحابة كذلك، فلا يحب الخلفاء إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق، وعلى ذلك أدلة كثيرة، ثم إن المراد ببغضهم إذا كان لأمر ديني بأن يعتقدوا كفره وخروجه من الإسلام، كاعتقاد الخوارج أنه قد ارتد وحبط عمله، أما إذا كان بغضه لأمر سياسي، أو سبب ظاهر فلا يدخل في البغض الذي هو نفاق وكفر، لأن النفاق هو الكفر في الباطن مع إظهار الإيمان، فالذين قاتلوا عليًا في وقعة الجمل لم يتهموه بالكفر، ولم يكونوا منافقين، وإنما ظنوا اشتراكه في قتل عثمان رضي الله عنه أو إيواءه للقاتلين الذين هم موجودون في جيشه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لعن الله من آوى محدثًا " رواه عليًا رضي الله عنه كما في صحيح مسلم، وإذا كان لهم شبهة فلا يجوز الجزم بأنهم منافقون، وقد تراجعوا أو أكثرهم عن ذلك الظن وذلك البغض بعد حصول الصلح الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين "، فحصل ذلك لما تنازل الحسن عن الخلافة وزالت البغضاء، وأصبحوا بنعمة الله إخوانًا.

وأما الحديث الذي رواه الكندي في كفاية الطالب وأبو القاسم الدمشقي في تاريخه أن عليًا قال: ((أنا قسيم النار أقول خذي ذا وذري ذا)) فهو حديث موضوع مكذوب على عليّ أو على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أقر الكندي بأنه ضعيف، وإنما الصحيح: " لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق "، وكلام أحمد صحيح إذا ثبت عنه، فإن المؤمنين الصادقين في إيمانهم يحبون عليًا وأبا بكر وعمر وعثمان والعباس وأبا سفيان ومعاوية وسائر المؤمنين، فيرجى لهم بهذه المحبة الجنة، ويبغضون المنافقين والمشركين وسائر الكفار، ولا يستغفرون لهم ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم

وقوله تعالى ((إن المنافقين في الدرك الاسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا)) هذا هو النفاق الاعتقادي، وهم الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر، فأما النفاق العملي فلا يدخل في ذلك، ومعاوية وأصحابه لا يدخلون في مسمى النفاق الاعتقادي، فإن الأمة كلها اتفقت على خلافته لمدة عشرين سنة، وهو أمير المؤمنين بلا منازع، ودخل في ولايته وصحبته ونصرته الحسن والحسين وزين العابدين ومحمد بن الحنفية وابن عباس ترجمان القرآن، ومن في عصره من بني العباس وبني هاشم، وبقية الصحابة كسعد بن أبي وقاص، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وأكثر أمهات المؤمنين، فهل يقال في هؤلاء أنهم كلهم منافقون؟! على حد تعبير هذا الرافضي الذي حكم بأن الأمة كلها بقوا على النفاق بعد قتل علي وإلى هذا الزمان، إلا ما كان من الرافضة الذين حدثوا في وسط أو آخر القرن الأول مع قلتهم واستخفائهم، ولاشك أن من كفر الأمة الإسلامية في شرق الأرض وغربها في الصدر الأول فهو أولى بالكفر، وقد مدح النبي r القرون المفضلة بقوله: " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم"، فهذا الرافضي جعل ذلك القرن شر القرون، حيث كفر الخلفاء الثلاثة وخلافتهم مدة خمس وعشرين سنة، واستتثنى خلافة علي ومدتها خمس سنين، ثم كفر الناس بعده عندما تولى معاوية، حيث أنهم في زعمه دخلوا في ولاية كافر ومنافق، وسمعوا له وأطاعوا بما فيهم بنو هاشم، وبنو المطلب، وبنو عبد الدار، وبنو نوفل، وبنو قصي، وغيرهم من أقارب النبي صلى الله عليه وسلم وبما فيهم من الأنصار والمهاجرين والذين جاءوا من بعدهم يدعون لهم، يقول هذا الرافضي: (فمعاوية وأصحابه وأنصاره من أهل جهنم لا محالة)، فيكون قد حكم على أهل ذلك القرن الذين صحبوه وبايعوه أنهم من أهل جهنم، ولو كانوا من أهل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير