تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن ذلك أيضاً أخبرنا أحمد بن خالد، قال: نا يزيد بن عمر الأندلسي، قال: نا ابن العرابي أحمد بن محمد بن بشر بمكة، قال: نا الزعفراني، عن سفيان بن عيبنة، عن الزبيري، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه عبد الله بن عمر، قال: حضرت رويفع ابن ثابت الأنصاري: وهو يسأل رسول الله ش عن الفتنة، وكيف هو ناج منها؟ فقال له رسول الله ش: " يا رويفع: إلزم الجبال والقفار، فإنه أسلم لدينك ودنياك … بل الحياة فعليك: بسكنى مدينة برقة ([453])، إنها ستفتح عليكم وغيرها: من مدائن المغرب " وفي الخبر: " مدينة في الإسلام بعض الأرض المقدسة ساكنها سعيد وميتها - في آخر الزمان - عريق، فقال عبد الله بن عمر: فما زلت أجعل ذلك من بالي، من أجل هذا الحديث حتى فتح الله على المسلمين مصر والمغرب، فسأل رويفع عمر بن الخطاب أن يوفده إلى المغرب فولاه برقة، فلم يزل بها حتى مات فيها، وقبره بها رحمه الله "، وقد بين ابن الفرض رأيه في هذا الحديث بقوله: قال عبد الله - يعني نفسه- أن هذا الحديث باطل، ولا سيما بهذا الإسناد ([454]).

كانت هذه نماذج لوقفات ابن الفرضي عند بعض الأحاديث التي أوردها حيث بيّنَ رأيه في صحتها.

- وقد كان للروايات التاريخية نصيبها من المناقشة والتحليل حيث وقف عند بعضها مناقشاً ومحللا معتمداً في ذلك على حاسته التاريخية، ومن الأمثلة أنه حينما تحدث عن محمد بن عيسى بن رفاعة الخولاني ذكر أنه ينسب إلى الكذب، وأن محمد بن أحمد قد قال له: إنه كذاب ([455])، ولم يكتف ابن الفرضي بهذا الحكم: بل أعقب ذلك بذكر الدليل وهو أن الخولاني حينما قدم إلى قرطبة أخرج كتاباً مُختلقاً من حديث سفيان بن عيينة جله سفيان عن الزهري عن أنس عن النبي ش، وليس لسفيان عن الزهري عن أنس من المسند إلا ستة أحاديث أو سبعة، وهكذا افتضح أمره وشُهر بالكذب كما يقول ابن الفرضي ([456])، ومن ذلك قوله: أخبرني إسماعيل قال: قال خالد بن سعد: ذكرت في كتابي مناقب الناس، ومحاسنهم إلا رجلين محمد بن وليد القرطبي، وسعيد بن جابر الأشبيلي فإني صرحت عليهما بالكذب وكانا كذابين ([457])، لكن ابن الفرضي لم يأخذ بقول خالد على الرغم من كونه من مصادره المهمة بل إنه رأى مناقشة روايته هذه حيث علق على ذلك بقوله: (ولم يكن سعيد ابن جابر - إن شاء الله - كما قال خالد قد رأيتُ أصول أسمعته، ووقع إلي كثير منها فرأيتُها نزل على تحري الرواية وورع في السماع وصدق) ([458])، ولم يكتف ابن الفرضي بهذا بل ساق أدلة أخرى ومنها قوله: (وقد حدثني العباس ابن أصبغ قال: سمعت محمد بن قاسم يثني على سعيد بن جابر ويقول: كان صاحبنا عند النسائي ووصفه بالصدق قال لي عباس ومحمد بن قاسم: بعثني إلى سعيد ابن جابر لما كنت أسمع من ثنائه عليه) ([459]).

وحينما تحدث عن عبيد الله بن عمر بن أحمد القيسي الشافعي قال: (سمعت محمد بن أحمد بن يحيى ينسبه إلى الكذب، ووقفت على بعض ذلك في تاريخ أبي زرعة الدمشقي من أصوله، وقع إلي وقرأته على أبي عبد الله بن مفرج فرأيته قد أدعى روايته عن رجل من أهل دمشق يقال له بكر بن شعيب زعم أنه حدثه عن أبي زرعة، وكان أبو عبد الله قد لقي هذا الرجل وكتب عنه، وحكى أنه لم تكن له سن يجوز أن يحدث بها عن أبي زرعة) ([460])، ولم يكتف ابن الفرضي بهذه الأدلة بل إنه أضاف دليلاً آخر وهو قوله:

(وكان عبيد الله قد بشر -أي كشط- إسناداً في آخر الكتاب وكتب مكانه هذا الرجل) ([461]).

ولما تحدث عن يحيى بن معمر بن عمران وذكر سيرته قال: ذكر ذلك أحمد ولم يذكر أن يحيى بن معمر استقضي مرة ثانية، لكن ابن الفرضي وضح ذلك حيث ذكر رواية عن ابن حارث أن الأمير عبد الرحمن استقضاه مرة ثانية، وبين أن هذا الرأي هو الصحيح والدليل عليه أن يحيى بن معمر صلى بالناس صلاة الخسوف بقرطبة سنة ثمان عشرة في مسجد أبي عثمان وهو قاض ([462]).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير