قصة ياساريةُ الجبل ليست ثابتة
ـ[محمد أمجد البيطار]ــــــــ[04 - 07 - 03, 12:40 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد:
فهذا بحث في بيان حال قصة ((ياساريةُ الجبل الجبل))
والمرجع في هذا تحقيق الشيخ ناصر رحمه الله تعالى والذي حسن الحديث كما في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم /1110/ والحق أن تحسين الشيخ رحمه الله قد سبقه إلى ذلك أكابر ممن نحب ونقدر، ولكن مما تعلمناه منهم أن يكون الحق أحب إلينا، اللهم اجعلني عند قولي وسدد بفضلك عملي يا أرحم الراحمين.
باختصار الذي أقدمه: أن الشيخ ناصر رحمه الله قد خرج الحديث في السلسلة من عدة طرق: لم يخل منها طريق من كذاب أو متروك، ما خلا طريق واحدة، وهي طريق عبد الله بن وهب ـ يحيى بن أيوب ـ محمد بن عجلان ـ إياس بن قرة ونافع ـ ابن عمر.
أما الطرق الأخرى فكما قال الشيخ ناصر: إحداها فيها: أيوب بن خواط، متروك.
والأخرى فيها: سيف بن عمر، كذاب.
وغيرها فيها: الواقدي، كذاب.
وأخرى فيها: فرات بن السائب، وضاع.
قلت: تتمة التخريج الذي قدمه الشيخ ناصر رحمه الله، يراجع فيه كتاب كرامات الأولياء لللالكائي /1ـ120/، و تاريخ الطبري /2ـ553،554/.
ومما تقدم لدينا يظهر أن طرق القصة لم يسلم منها إلا طريق واحد فقط هو طريق ابن عجلان، وأن بقية الطرق لا ينظر لها حيث وكما في شرح النخبة وغيرها أن السند الذي فيه متروك أو كذاب لا يتقوى ولا يقوي.
أما الإسناد الوحيد الذي بقي لدينا فإن فيه يحيى بن أيوب الغافقي، قال عنه الحافظ: صدوق ربما أخطأ. وكان الإمام أحمد وغيره يجرحونه كما في التهذيب.
وفيه محمد بن عجلان، قال عنه الحافظ: صدوق، إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة.
وقال العقيلي كما التهذيب: يضطرب في حديث نافع.
وأنا هنا أقول: لو نظرنا إلى متن الحديث لوجدنا أن فيه أمراً خارقاً للعادة، يحصل على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحضور جمع غفير من الصحابة والتابعين، ولخليفة راشدي تفتري عليه الرافضة وتشكك في دينه فضلاً عن ولايته وصلاحه، ومع هذا كله لا يُنقل هذا الأمر إلا من طريق واحدة: يحيى بن أيوب عن محمد بن عجلان.
علماً أن ابن عمر رضي الله عنهما ونافع رحمه الله قد كانا من المكثرين ولهما الكثير ممن يروي عنهم، فهل يعقل هذا التفرد أيها الأخوة.
أخيراً ما هو حكم الإسناد الذي يكون فيه صدوق ربما أخطأ، وصدوق اختلطت عليه بعض أحاديث، مع وجود تفرد لا يحتمل مثله، أمر خارق للعادة، مع توفر أسباب التواتر، مع ضرورة نقل مثل هذه القصة لنصرة أمير للمؤمنين يفترى عليه.
رحم الله علماءنا ممن صحح أو حسن هذه القصة، وما بحثي هذا رد عليهم أشهد الله العظيم، ولكنه تساءل أضعه بين أيدي إخوان لي، وأرجو منهم نصحي وتصويبي، والذي أراه أن القصة غير ثابتة، وصلى الله وسلم على محمد والحمد لله رب العالمين.