تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[جلاء العينين بمحاكمة الاحمدين]

ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[06 - 07 - 03, 10:48 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

مضت سبعة قرون على وفاة شيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن تيمية، ولازال الناس في أمره مختلفين:

فقد رأى بعينيه معارضيه، وسمع بأذنيه أقوالهم فيه، وقرأ بنفسه ما كتبوه عنه وعن آرائه، ولم يكن معارضوه ممن لا يلتفت إليهم بل كانوا من العلماء المبرزين الذين إذا قالوا سمع قولهم، وإذا أفتوا التزمت فتواهم.

كانوا – رحمهم الله – في بعض نقدهم لشيخ الإسلام ابن تيمية مغالين أشد غلو حتى كفر بعضهم من نعته بشيخ الإسلام.

باحثوه في مسائل فروعية، وأنكروا عليه فيها مذهبه أبغض نكير مع أنها من المسائل الخلافية منذ كانت وإلى يومنا هذا.

ثم ناقشوا قوله في مباحث أصول الدين وفي الصفات على وجه اخً.

وكان لاختلاف المذهب أثر قوي في انتقادهم، فهم في الغالب أشاعرة أو ما تريدية وكانوا قد ألفوا في ديار الشام ومصر والمغرب مذهب أبي الحسن الأشعري واطمأنوا إليه وأصبح المعتقد الثابت السائد الذي لا يزيغ عنه إلا هالك.

كما اطمأنوا إلى الصوفية وطرقهم، فلا تجد عالماً إلا وقد التزم طريقة صوفية يأخذ عن شيخها حزبه وورده، ويأمل في الوصول على يديه، وفي النجاة باتباعه.

فلا غرابة إذن أن يحمل هؤلاء وأتباعهم حملتهم الشعواء على من جاء يقلب الموازين ويحرك المياه الآسنة، ويثور على حياة عقلية راكدة.

ومجتمع علمي قانع ووسط ثقافي مترد.

ولا غرابة إذن أن يصدع ابن تيمية برأيه خاصة والتتار يدوسون بلاد الإسلام … وما أشبه الليلة بالبارحة.

ومن عجيب أمر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الزمان لم يطو أثره وتأثيره فيما طوى من أثار وتأثير علماء كثيرين بل لم يخل قرن أو عصر من إثارة ذكره وذكر سيرته وآرائه وأقواله لا في المذهب الحنبلي فحسب بل في مختلف المذاهب ….

ففي القرن الثامن انشغل به تلاميذه ومحبوه وأنصاره يترجمون له ويبرزون فضله ومكانته ويردون عنه انتقادات معارضيه.

وفي القرن التاسع حرر ابن حجر العسقلاني صاحب فتح الباري ترجمة واسعة لشيخ الإسلام مال فيها إلى نصرته.

وفي القرن العاشر نقل جلال الدين السيوطي في الأشباه والنظائر النحوية مبحثاً لشيخ الإسلام في حرف ((لو)) بعد الثناء الجميل عليه.

وكان الشيخ إبراهيم الكوراني الشافعي ذابا عن ابن تيمية منافحاً عنه، ذاهباً مذهبه في عقيدة السلف مناصراً لها متأثراً الشيخ في كثير من القضايا.

وكذلك كان الشيخ ملا علي القاري الحنفي شارح الشقا، والشيخ أبو المعالي علي بن محمد سعيد السويدي الشافعي مؤلف كتاب ((العقد الثمين في بيان مسائل الدين)) والشيخ أبو الثناء شهاب الدين الألوسي الشافعي الحنفي صاحب روح المعاني في التفسير، والد مؤلف كتابنا هذا جلاء العينين في محاكمة الأحمدين.

ومؤلف هذا الكتاب من أعلام بغداد في القرن التاسع عشر إذ توفي رحمه الله سنة 1899 ميلادية، فهو شاهد على حيوية فكر ابن تيمية الذي شغل الناس منذ كان وإلي أيامنا هذه كما أوضحنا سالفاً.

فقد اطلع على كلام ابن حجر الهيتمي في مؤلفه الفتاوي الحديثية فوجده ينسب لابن تيمية مالم يقله، ويتعسف في تفسير بعض ماقاله، ويحيد عن منهج العلماء في النقد وتقليب الرأي، فوصف ابن تيمية بأنه: ((عبد خذله الله تعالى وأضله وأعماه …. فإنه مبتدع ضال جاهل غال … أجارنا الله من مثل طريقته وعقيدته وفعله ….) إلخ.

ولما رأي بعض طلاب العلم قد تعلق بأقوال ابن حجر من غير فهم ولا نقد ولا بحث امتثل لقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} وإعمالا للآية الكريمة التزم المنهج الموضوعي، فهو ليس ضد رجل من الرجال وإنما هو ضد قول من الأقوال وليس ضد مذهب من المذاهب بل ضالته الحق لذلك كان، كلامه مع الكلام ولذلك ساق خمسين ترجمة في الكتاب لمن دارت معهم أو حولهم معارك ابن تيمية، سواء كانوا خصومه أو من أنصاره أو ممن انتقدهم ابن تيمية.

فقد ترجم لابن تيمية ولمن نبغ من أسرته.

وترجم لبعض النابهين من تلاميذ الشيخ الذين أخذوا عنه مباشرة.

وترجم للذين سلكوا مسلكه فيما بعد حتى مطلع القرن الرابع عشر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير