تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال القائلون بكفر تارك الصلاة: ومن الأدلة على كفر تارك الصلاة قول الله تبارك و تعالى (ماسَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ) المدثر42 –47 , فلا يخلو إما أن يكون كل واحد من هذه الخصال هو الذي سلكهم في سقر وجعلهم من المجرمين او مجموعها فإن كان كل واحد منها مستقلا بذلك فالدلالة ظاهرة وإن كان مجموع الأمور الأربعة فهذا إنما هو لتغليظ كفرهم وعقوبتهم وإلا فكل واحد منها مقتض للعقوبة إذ لا يجوز أن يضم ما لا تأثير له في العقوبة إلى ما هو مستقل بها.

ومن المعلوم أن ترك الصلاة وما ذكر معه ليس شرطا في العقوبة على التكذيب بيوم الدين بل هو وحده كاف في العقوبة فدل على أن كل وصف ذكر معه كذلك إذ لا يمكن لقائل ان يقول لا يعذب إلا من جمع هذه الأوصاف الأربعة فإذا كان كل واحد منها موجبا للإجرام وقد جعل الله سبحانه المجرمين ضد المسلمين كان تارك الصلاة من المجرمين السالكين في سقر وقد قال (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) القمر48 - 47 , وقال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ) المطففين29 , فجعل المجرمين ضد المؤمنين المسلمين.

فأجاب القائلون بعدم تكفير تارك الصلاة: بأن الآية إنما فيها أنهم يدخلون النار عقوبة لهم على هذه الخصال التي اتصفوا بها وهذا لا يختلف فيه أحد إذ من المعلوم أن الإنسان – المسلم – إذا أذنب ذنبا فإن الله عز وجل سوف يحاسبه على هذا الذنب , فإما أن يدخله النار بسبب ذلك أو يمن عليه بكرمه ومنه فيتجاوز عنه ويدخله الجنة , وهذه الآية من هذا القبيل , وليس فيها أن من إتصف بهذه الصفات أن مصيره إلى النار خالداً مخلداً فيها فهي بهذا لا تكون فيها حجة على تكفير تارك الصلاة الكفر الأكبر المخرج من الملة , وأما وصف الآية تارك الصلاة بإنه من المجرمين , فتحمل على الإجرام غير المخرج من الملة.

الدليل الخامس

قال القائلون بكفر تارك الصلاة: ومن الأدلة على كفر تارك الصلاة قوله تعالى (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) الماعون4 - 5 , قالوا: والوعيد بالويل في القرآن إنما يطلق على الكفار، كقوله تعالى (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ) فصلت 6 - 7، وقوله جل جلاله (وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ ءَايَاتِ اللهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ ءَايَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) الجاثية6 - 9 , وقوله عز وجل (وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ) إبراهيم2.

فأجاب القائلون بعدم تكفير تارك الصلاة: أن استدلالكم بكلمة: (ويل) وأنها تطلق في القرآن على الكفار محتمل، لأنها جاءت في موضعين ولم يقصد بها الكفار وهما (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ)، (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ)، فعلق الويل بالتطفيف وبالهمز واللمز، وهذا لا يكفر به بمجرده، فَوَيْلُ تارك الصلاة؛ إما أن تكون ملحقًا بويل الكفار كما أشرتم في التعريف بكلمة الـ (ويل)، أو بويل الفساق كما بينت الايتان السابقتان (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ)، (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) , والدليل إذا طرقه الاحتمال سقط به الاستدلال.

الدليل السادس

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير