قال القائلون بكفر تارك الصلاة: ومن الأدلة على كفر تارك الصلاة قَولَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ) صححه الالباني , والمراد بالكفر هنا، الكفر المخرج عن الملة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم، جعل الصلاة فصلا بين المؤمنين والكافرين، ومن المعلوم أن ملة الكفر غير ملة الإسلام، فمن لم يأت بهذا العهد فهو من الكافرين.
فأجاب القائلون بعدم تكفير تارك الصلاة: يجب حمل كلمة " كفر " التي في هذا الحديث على كفر النعمة , وعدم حملها على كفر الجحود , وهذا له صور كثيرة في غير هذا الحكم , فقد حمل الكفر الوارد في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ) متفق عليه , وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في الأنساب و النياحة على الميت) صححه الألباني , وغير ذلك كثير , فكل ذلك يحمل على كفر النعمة لا كفر الجحود , وقد سئل ابن عباس رضي الله عنه عن قول الله سبحانه وتعالى (وَمَن لّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلََئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) المائدة 44 , قال رضي الله عنه (ليس بالكفر الذي يذهبون إليه إنه ليس كفرا ينقل عن الملة، كفر دون كفر).
وهذا الرد يكون على كل الاحاديث التي جاء فيها ما يعبر على ان تارك الصلاة متصف بوصف الكفر كقوله صلى الله عليه وسلم (بين العبد وبين الشرك ترك الصلاة) , وقوله صلى الله عليه وسلم (من ترك الصلاة متعمداً فقد برئت منه ذمة الله) , وكذلك الآيات القرآنية التي فيها ان تارك الصلاة يوصف بوصف الكفر فتحمل على انه كفر دون كفر , وسبب حمل هذه الأحاديث والآيات على الكفر الأصغر دون الأكبر هو وجود آيات وأحاديث تصف تارك الصلاة بأنه من جملة المسلمين وأنه يحاسب ويكون مصيره إلى الجنة كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ مَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ) صححه الألباني , وقال الله تعالى (إِنّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ) النساء48 , والصلاة دون ذلك و لا شك.
الدليل السابع
قال القائلون بكفر تارك الصلاة: ومن الأدلة على كفر تارك الصلاة ما جاء عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ , فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ , قَالَ: فَمَنْ رَضِيَ وَتَابِعَ , قَالُوا: أَفَلاَ نُقَاتِلُهُمْ قَالَ: لاَ , مَا صَلُّوا) مسلم , وكذلك ما جاء عن عَبْد الرَّحْمَانِ بْن أَبِي النُّعْمِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ يَقُولُ بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذُهَيْبَةٍ فِي أَدِيمِ مَقْرُوظٍ لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ , نَاشِزُ الْجَبْهَةِ , كَثُّ اللِّحْيَةِ , مَحْلُوقُ الرَّأْسِ مُشَمِّرُ الإِزَارِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ , فَقَالَ: (وَيْلَكَ , أَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ قَالَ: ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ , فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ أَضْرِبُ عُنُقَهُ قَالَ: لَعَلَّهُ يَكُونُ يُصَلِّي) مسلم.
¥