من الفقهاء، وله محبة خاصة بالصالحين، يتحرى قبورهم بالزيارة، فأداه ذلك إلى أن جمع فيهم كراسه المشهور الذي يسميه الناس ((مناقب البعقيلي)) وهو أول من ألف فيما نعرف في رجالات
(جزولة) لولا معاصرة التامانارتي صاحب ((الفوائد الجمة)) ولم نقف على من ترجمه ترجمة يستحقها حتى وقت وفاته لا نعرفه، وإنما نحسب أنه توفي بعد العشرة الثانية من القرن الحادي عشر، أو قبله بقليل، وعيب ما كتبه أنه لا يعتني بالوفيات إلا قليلاً جداًّ، اهـ.
هذا عن مؤلف هذه الوثيقة التي نخرجها اليوم لعموم القراء، أما عن الكتاب الذي يعد باكورة الأعمال التاريخية السوسية فيقول عنه المرحوم محمد المختار السوسي في كتابه " سوس العالمة " ص 210:
(كراسة محمد بن أحمد بن عبد الواسع البعقيلي) وقد اشتهر عند الطلبة السوسيين بـ ((مناقب البعقيلي)) والمؤلف يعيش من أوائل القرن الحادي عشر إلى العشرين منه، وهي صغيرة مختصرة التراجم جداًّ، ولا تعتني بالوفيات إلا قليلاً، وهي أول كتاب ألف في نوعه بسوس فيما عرفنا، وإن كان مؤلفها معاصراً للمؤلفين الآتيين: التامانارتي، والرسموكي صاحب
" الوفيات "، والكراسة لا تزال مخطوطة، وفي خزانة القاضي سيدي الصديق الفاسي منها نسخة، وأما في سوس فنسختها متعددة في الخزانة المسعودية وغيرها، والكتاب صغير، وكثيراً ما ينقل عنه الإفراني صاحب "الصفوة" اهـ.
هذا عن الكاتب والكتاب، وقبل أن نترك القارئ الكريم مع هذه الطبعة من كتاب المناقب نود أن نقول بأن ما من عمل بشري إلا ويعتريه نقص، فالكمال للخالق عز وجل، ونرجو مخلصين أن ينظر إلى هذا العمل بعين الرضا، لأننا نستسهل الصعب في سبيل إيصاله إليه حسب الطاقة والإمكان، ((وفوق طاقتك لا تلام)) ولكن بأمانة وإخلاص دون تغيير أو تبديل أو زيادة أو حذف، حفظاً للأمانة () ونختم بقوله عز وجل:
" وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون "
صدق الله العظيم.
(الناشر)
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيئين، وإمام المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعيين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
(وبعد) فقد سألني بعض إخواننا في الله تعالى أن أكتب له ما عرفناه عن أولياء الله تعالى في بلادنا (بني ولتيتة) وغيرها، ممن عاصرناه وعاشرناه، أو لقيناه وصحبناه في بلادنا السوسية من أشياخنا الذين أخذنا عنهم العلم فقهاً ونحواً وغيرهما، ومن جودنا عليه القرآن منهم، وغيرهم من الأشياخ الفضلاء المعروفيين بالبركة قديماً وحديثاً ممن أدركناه في قيد الحياة وغيرهم، حسبما سننبه عليهم في تقييدنا هذا إن شاء الله.
ثم أذكر مع ذلك تاريخ وفاة من عرفنا منهم وفاته، وأردف عليهم ذكر من تيسر ذكرهم من أولياء الله من المتقدمين شرقاً وغرباً ممن حضرني وحصلت لي معرفته من تواليف العلماء المتصدرين لذكرهم، رضوان الله عنهم، ونفعنا ببركاتهم، فأجبته إلى ذلك بعد الاستخارة من الله تعالى على ذلك، لما رجوت في التوسل إلى الله تعالى ببركاتهم في قضاء المآرب، ونيل المطالب الدنيوية والأخروية، ولما ورد أيضاً فيهم عند ذكر الأولياء تنزل الرحمة وتذهب المحنة، والله سبحانه ينفعنا
وإياكم معشر الإخوان ببركتهم على الدوام، ويوفقنا وإياكم على ما يحبه ويرضاه من قول وعمل بجاه سيد الأولين والآخرين، نبينا ومولانا وشفيعنا ووسيلتنا إلى ربنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله الأكرمين، آمين.
• الأول منهم السيد الفاضل، القطب الكامل، الولي الصالح، مصباح البلاد، وبركة العباد شرقاً وغرباً، سيدي أحمد بن موسى السملالي -نفعنا الله ببركاته- وقد أدركناه في حياته، وزرناه مراراً عديدة، وأخبرنا بأمور كانت في ضمائرنا، لم يطلع عليها إلا الله تعالى، وأخباره ومناقبه كثيرة، قد ذكر منها الإخوان في الله ما تيسر عليهم، ولا يحيط بها إلا الله تعالى، وتوفي -قدس الله روحه في أعلى عليين- يوم الاثنين الثامن من ذي الحجة عام احد وسبعين وتسعمائة، ودفن في روضته بـ (تازروالت) مع بعض أولاده الذين وسعتهم الروضة، وبنيت عليهم قبة رفيعة، نفعنا الله ببركتهم أجمعين.
¥