جنبي الأيمن إلى جهة القبلة كي أموت على تلك الحالة؛ لأني تيقنت أن طعام الشعير لا يتركني حياًّ إلى الصباح، قال: فغلبتني عيناي بالنوم ساعة، ثم استيقظت ومسحت على بطني هل ملئ بالنفخ أم لا، فوجدته على حاله ورجوت الحياة والسلامة منه، ثم بعد ساعة طويلة غلبتني عيناي بالنوم أيضاً إلى قرب شطر الليل، فاستيقظت فوجدت بطني على حاله، لم يتحرك فيه شيء يضرني لا من النفخ ولا من غيره، فاستبشرت وحمدت الله تعالى على العافية، وظهرت لي بركة الشيخ عند ذلك، فلما أصبح الله بخير الصباح ذهبنا للمسجد وصلينا، ثم رجعنا إلى المنزل، وانتظرنا دخول الشيخ علينا، فلما دخل علينا ظهرت لي أنوار وجهه، ولقانا بالترحيب، والمصافحة بالسلام والترغيب، وقد ملئ وجهه بالبشرى، والضحك العجيب، وجعلنا نمعن النظر في وجهه دائماً حتى فرغنا من الأخبار التي مست الحاجة إليها، وودعنا قائلاً: الحمد لله على سلامتكم من كل ما يؤذيكم. فشكرت الله تعالى على ملاقاتي لهذا الولي الذي كنت أتمنى في جميع عمري رؤيته في قيد الحياة، وأخذنا عنه ما شاء الله، وقال لي شيخنا المذكور: هل ترون ذلك الرونق الذي يلمع على دار الشيخ إذا أشرفتم عليها أم لا؟ فقلت له: فينا من يراه، وفينا من لا يراه. فقال لي كلما أخذت عنه () نرى ذلك النور في الليل إذا أقبلنا من المسجد، وطلعنا على تلك الربوة التي أشرفت على دار الشيخ، لله الحمد وله الشكر دائماً، وبالجملة فمناقبه لا يحصيها إلا الله تعالى، وذكرنا منها ما تقدم تبركاً بذكره، نفعنا الله به.
• ومنهم الشيخ المبارك سيدي يبورك بن حسين الهشتوكي، كان
رجلاً صالحاً محباًّ لأهل العلم، ومؤاخياً لهم، واقفاً على حدود الله، تضرب إليه الرحلة للزيارة في زمانه رحمه الله، ونفعنا الله ببركته.
• ومنهم سيدي محمد بن أبي بكر من النسب، كان من رجال الله،
وهو من خدام السيد الفاضل المتبرك به حياًّ وميتاً سيدي عبد الله بن
سعيد () له قدم في الولاية عند الله تعالى، وهو قائم بوطائف دين الله،
والمعاونة لعباد الله على منهاج شيخه المذكور، نفعنا الله ببركة الجميع.
• ومنهم الحاج المبرور، العابد الشكور، سيدي إبراهيم من بلدة،
(الكست)، هو من جملة أولياء الله تعالى، قد عرفناه وعاشرناه فوجدناه على منهاج أهل الله، ومنهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولله در القائل:
علامة صدق المرء في الحب أن يرى على منهج كانت عليه الحبائب
ومن يدعي حب النبي ولم يكن لسنته متمسكاً فهو كاذب
وهو من أصحاب الولي الصالح سيدي أحمد بن عيسى من (بني مزوارة)، ومن هنالك عرفناه على حالته المذكورة، نفعنا الله به، ومناقبه معروفة.
• ومنهم سيدي يعزى بن عبد الله من (ساقية صنهاجة)، كان رجلاً
صالحاً، مواخياً لأهل الله، ومحباً لهم، واقفا على حدود الله، له مناقب مشهورة، ومن مناقبه أنه ورد علي في زمان سلف من تاريخه بمسجد
(منكب موسى) في (بني بعقيلة)، وقد شارطت فيه وأعلم الصبيان، وأرسل إلى صاحبه وقال لي: قال لك صاحبي الذي معي: إن رجلاً من أولياء الله المدفون في هذه الرحبة الكائنة بفم المسجد يشتكي بضرر الناس، وزحام هذه الخشبة القائمة على صدره تحت التراب. فقلت له: ما هذا الذي يقول صاحبك؟ وهذه الرحبة قد سلفت عنها الدهورالطويلة، واختلفت عليها الحوادث المختلفة، وهي على حالتها التي ترى ولم يكن أثر قبر، ولا ذكره أحد مسن جاور في هذه البلاد خلفاً عن سلف، وأنا يومئذ لم تكن لي معرفة بهذا السيد قبل ذلك، فقلت له: ارجع إلى صاحبك وقل له: إن الناس لا يصدقونك إلا برؤية ما ذكرت لهم، بأن يحفروا هذا المكان، فإن وجدوا فيه قبراً فأنت ممن يعتمد على قوله، ويقصد في زيارته، فلما قال له صاحبه ذلك جاء إلي بنفسه عند المحضرة () وقال لي: السلام عليك يا عمي الطالب. وقلت له: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، وقمت إليه وأدخلته بيتي في المسجد مع صاحبه، وكسرت لهما خبزاً، وأكلا ما قسم الله لهما، فراجعتهما بالكلام في مسألة الرحبة والقبر، وقال لي: يعلم الله أني ما قدمت إليكم من بلدتي إلا من أجل هذا الرجل المدفون المغبون في هذه الرحبة، وأنه كل ليلة يغمرني ويضربني في خاصرتي، ويقول لي: اقدم إلي وارفع عني الزحام، فقد مسني الضرر الفادح من المخلوقات بالمشي علي، وربط الدواب تحت هذا الهرجان، وبالخشبة التي على
¥